الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: شرح منتهى الإرادات ***
مَا لَمْ يَغْلِبْ مَجَازُهُ عَلَى حَقِيقَتِهِ (فَمَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَحْمًا حَنِثَ بِأَكْلِ) لَحْمِ (سَمَكٍ وَ) أَكْلِ (لَحْمِ مُحَرَّمٍ) كَغَيْرِ مَأْكُولٍ لِدُخُولِهِ فِي مُسَمَّى اللَّحْمِ و(لَا) يَحْنَثُ (بِمَرَقِ لَحْمٍ) لِأَنَّهُ لَيْسَ لَحْمًا (وَلَا) بِأَكْلِ (مُخٍّ وَكَبِدٍ وَكُلْيَةٍ وَشَحْمِهِمَا وَشَحْمِ تَرْبٍ) بِوَزْنِ فَلْسٍ شَحْمٌ رَقِيقٌ يَغْشَى الْمِعَاءَ وَتَقَدَّمَ (وَ) لَا بِأَكْلِ (كَرِشٍ وَمُصْرَانٍ وَطِحَالٍ وَقَلْبٍ وَأَلْيَةٍ وَدِمَاغٍ وَقَانِصَةٍ وَشَحْمٍ وَكَارِعٍ وَلَحْمِ رَأْسٍ وَلِسَانٍ) لِأَنَّ مُطْلَقَ اللَّحْمِ لَا يَتَنَاوَلُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ بِدَلِيلِ مَا لَوْ وُكِّلَ فِي شِرَاءِ لَحْمٍ فَاشْتَرَى كَبْشًا مِنْ ذَلِكَ وَبَائِعُ الرَّأْسِ يُسَمَّى رَأْسًا لَا لَحَّامًا وَحَدِيثِ {أُحِلَّ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ} يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْكَبِدَ وَالطِّحَالَ لَيْسَا بِلَحْمٍ وَهَذَا مَعَ الْإِطْلَاقِ فَإِنْ كَانَ بِنِيَّةٍ أَوْ سَبَبٍ فَكَمَا تَقَدَّمَ (إلَّا بِنِيَّةِ اجْتِنَابِ الدَّسَمِ) فَيَحْنَثُ بِذَلِكَ كُلِّهِ وَكَذَا لَوْ اقْتَضَاهُ السَّبَبُ (وَ). مَنْ حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ شَحْمًا فَأَكَلَ شَحْمَ الظَّهْرِ أَوْ الْجَنْبِ أَوْ) أَكَلَ (سَمِينَهُمَا أَوْ الْأَلْيَةِ أَوْ السَّنَامِ حَنِثَ) لِأَنَّ الشَّحْمَ مَا يَذُوبُ مِنْ الْحَيَوَانِ بِالنَّارِ وَقَدْ سَمَّى اللَّهُ تَعَالَى مَا عَلَى الظَّهْرِ مِنْ ذَلِكَ شَحْمًا بِقَوْلِهِ {وَمِنْ الْبَقَرِ وَالْغَنَمِ حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ شُحُومَهُمَا إلَّا مَا حَمَلَتْ ظُهُورُهُمَا...} الْآيَةَ وَالِاسْتِثْنَاءُ مِعْيَارُ الْعُمُومِ و(لَا) يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ شَحْمًا (إنْ أَكَلَ لَحْمًا أَحْمَرَ) وَكَذَا لَحْمٌ أَبْيَضُ عَلَى مَا فِي شَرْحِهِ لَكِنْ صُحِّحَ فِي تَصْحِيحِ الْفُرُوعِ أَنَّهُ يَحْنَثُ وَلَا بِكَبِدٍ وَطِحَالٍ وَرَأْسٍ وَكُلْيَةٍ وَقَلْبٍ وَقَانِصَةٍ وَنَحْوِهَا مِمَّا لَيْسَ بِشَحْمٍ. (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ لَبَنًا فَأَكَلَهُ وَلَوْ مِنْ صَيْدٍ أَوْ) مِنْ (آدَمِيَّةٍ حَنِثَ) لِأَنَّ الِاسْمَ يَتَنَاوَلُهُ حَقِيقَةً وَعُرْفًا وَسَوَاءٌ كَانَ حَلِيبًا أَوْ رَائِبًا مَائِعًا أَوْ جَامِدًا قُلْت وَلَوْ مُحَرَّمًا كَمَا تَقَدَّمَ فِي اللَّحْمِ و(لَا) يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَأْكُلُ لَبَنًا (إنْ أَكَلَ زُبْدًا أَوْ سَمْنًا أَوْ كِشْكًا أَوْ مَصْلًا أَوْ جُبْنًا أَوْ أَقِطًا أَوْ نَحْوَهُ) مِمَّا يُعْمَلُ مِنْ اللَّبَنِ وَيَخْتَصُّ بِاسْمٍ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي مُسَمَّى اللَّبَنِ وَالْمَصْلِ وَالْمَصْلَةُ مَا سَالَ مِنْ الْأَقِطِ إذَا طُبِخَ ثُمَّ عُصِرَ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ وَالْأَقِطُ بِكَسْرِ الْقَافِ اللَّبَنُ الْمُجَفَّفُ (أَوْ) أَيْ: وَلَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ زُبْدًا أَوْ) لَا يَأْكُلُ (سَمْنًا فَأَكَلَ الْآخَرِ وَلَمْ يَظْهَرْ فِيهِ طَعْمُهُ) لِأَنَّ لِكُلٍّ مِنْهُمَا اسْمًا يَخْتَصُّ بِهِ فَإِنْ ظَهَرَ فِيهِ طَعْمُهُ حَنِثَ (أَوْ) أَيْ: وَلَا يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ (لَا يَأْكُلُهُمَا) أَيْ: الزُّبْدَ وَالسَّمْنَ (فَأَكَلَ لَبَنًا) لِأَنَّهُمَا لَا يَدْخُلَانِ فِي مُسَمَّاهُ. (وَ) مَنْ حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ رَأْسًا وَلَا بَيْضًا حَنِثَ بِأَكْلِ رَأْسِ طَيْرٍ وَ) رَأْسِ (سَمَكٍ وَ) رَأْسِ (جَرَادٍ وَبَيْضِ ذَلِكَ) لِدُخُولِهِ فِي مُسَمَّى الرَّأْسِ وَالْبَيْضِ. (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الْبَقَرَةِ لَا يَعُمُّ وَلَدًا وَ) لَا (لَبَنًا) لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَجْزَائِهَا. (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذَا الدَّقِيقِ فَاسْتَفَّهُ أَوْ خَبَزَهُ وَأَكَلَهُ حَنِثَ) لِفِعْلِهِ مَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُهُ. (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ فَاكِهَةً حَنِثَ بِأَكْلِ بِطِّيخٍ) لِأَنَّهُ يَنْضَجُ وَيَحْلُو وَيَتَفَكَّهُ بِهِ فَيَدْخُلُ فِي مُسَمَّى الْفَاكِهَةِ وَسَوَاءٌ الْأَصْفَرُ وَغَيْرُهُ (وَ) بِأَكْلِ (كُلِّ ثَمَرِ شَجَرٍ غَيْرِ بَرِّيٍّ) كَبَلَحٍ وَعِنَبٍ وَرُمَّانٍ وَتُفَّاحٍ وَكُمَّثْرَى وَخَوْخٍ وَمِشْمِشٍ وَسَفَرْجَلٍ وَتُوتٍ وَتِينٍ وَمَوْزٍ وَأُتْرُجٍّ وَجُمَّيْزٍ وَعَطَفَ النَّخْلَ وَالرُّمَّانَ عَلَى الْفَاكِهَةِ فِي قَوْله تَعَالَى: {فِيهِمَا فَاكِهَةٌ وَنَخْلٌ وَرُمَّانٌ} لِلتَّشْرِيفِ لَا لِلْمُغَايَرَةِ كَقَوْلِهِ {مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَالَ} (وَ) لَوْ كَانَ ثَمَرُ الشَّجَرِ غَيْرِ الْبَرِّيِّ (يَابِسًا كَصَنَوْبَرٍ وَعُنَّابٍ وَجَوْزٍ وَلَوْز وَبُنْدُقٍ وَفُسْتُقٍ وَتَمْرٍ وَتُوتٍ وَزَبِيبٍ وَتِينٍ وَمِشْمِشٍ وَإِجَّاصٍ) بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْجِيمِ (وَنَحْوِهَا) لِأَنَّ يُبْسَ ذَلِكَ لَا يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ فَاكِهَةً و(لَا) يَحْنَثُ بِأَكْلِ (قِثَّاءٍ وَخِيَارٍ) لِأَنَّهُمَا مِنْ الْخُضَرِ لَا الْفَاكِهَةِ. (وَ) لَا بِأَكْلِ (زَيْتُونٍ) لِأَنَّ الْمَقْصُودَ زَيْتُهُ وَلَا يُتَفَكَّهُ بِهِ (وَ) لَا بِأَكْلِ (بَلُّوطٍ) لِأَنَّهُ إنَّمَا يُؤْكَلُ لِلْمَجَاعَةِ أَوْ التَّدَاوِي لَا لِلتَّفَكُّهِ. (وَ) لَا بِأَكْلِ (بُطْمٍ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى الزَّيْتُونِ (وَ) لَا بِأَكْلِ (زُعْرُورٍ) بِضَمِّ الزَّايِ (أَحْمَرَ) بِخِلَافِ الْأَبْيَضِ. (وَ) لَا بِأَكْلِ (آسٍ) أَيْ مِرْسِينٍ (وَسَائِرِ ثَمَرِ شَجَرٍ بَرِّيٍّ لَا يُسْتَطَابُ) كَالْقَيْقَبِ وَالْعَفْصِ بِخِلَافِ الْخُرْنُوبِ (وَ) لَا بِأَكْلِ (قَرْعٍ وَبَاذَنْجَان) وَنَحْوِ كُرُنْبٍ لِأَنَّهُ مِنْ الْخُضَرِ (وَلَا) بِأَكْلِ (مَا يَكُونُ بِالْأَرْضِ كَجَزَرٍ وَلِفْتٍ وَفُجْلٍ وَقُلْقَاسٍ وَنَحْوِهِ) كَكَمَأَةٍ أَوْ سَوْطَلٍ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى فَاكِهَةً. (وَ) مَنْ حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ رُطَبًا أَوْ) لَا يَأْكُلُ (بُسْرًا فَأَكَلَ مُذَنِّبًا) بِكَسْرِ النُّونِ الْمُشَدَّدَةِ أَيْ: مَا بَدَا الْإِرْطَابُ فِيهِ مِنْ ذَنَبِهِ (حَنِثَ) لِأَنَّ فِيهِ بُسْرًا وَرُطَبًا و(لَا) يَحْنَثُ (إنْ أَكَلَ تَمْرًا) لِأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ بُسْرًا وَلَا رُطَبًا (أَوْ) أَيْ: وَلَا يَحْنَثُ إنْ (حَلَفَ لَا يَأْكُلُ رُطَبًا أَوْ بُسْرًا فَأَكَلَ الْآخَرَ) لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ (وَلَا) يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا (يَأْكُلُ تَمْرًا فَأَكَلَ رُطَبًا أَوْ بُسْرًا أَوْ دِبْسًا أَوْ نَاطِفًا) مَعْمُولَيْنِ مِنْ التَّمْرِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْكُلْ تَمْرًا. (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ أُدْمًا حَنِثَ بِأَكْلِ بَيْضٍ وَشَوِيٍّ وَجُبْنٍ وَمِلْحٍ وَتَمْرٍ) لِحَدِيثِ يُوسُفَ بْنِ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ " قَالَ {رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَضَعَ تَمْرَةً عَلَى كِسْرَةٍ وَقَالَ هَذِهِ إدَامُ هَذِهِ} رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَعَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {سَيِّدُ الْأُدْمِ اللَّحْمِ} وَقَالَ {سَيِّدُ إدَامُكُمْ اللَّحْمُ} رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ. (وَ) أَكْلِ (زَيْتُونٍ وَلَبَنٍ وَخَلٍّ وَكُلِّ مُصْطَبَغٍ بِهِ) أَيْ: مَا جَرَتْ الْعَادَةُ بِأَكْلِ الْخُبْزِ بِهِ كَالْعَسَلِ وَالزَّيْتِ وَالسَّمْنِ لِحَدِيثِ {ائْتَدِمُوا بِالزَّيْتِ وَادَّهِنُوا بِهِ فَإِنَّهُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبَارَكَةٍ} رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَعَنْهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {نِعْمَ الْأُدْمُ الْخَلُّ} وَالْبَاقِي فِي مَعْنَاهُ. (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ قُوتًا حَنِثَ بِأَكْلِ خُبْزٍ وَتَمْرٍ وَزَبِيبٍ وَتِينٍ وَلَحْمٍ وَلَبَنٍ وَكُلِّ مَا تَبْقَى مَعَهُ الْبِنْيَةُ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْ هَذِهِ يُقْتَات فِي بَعْضِ الْبِلَادِ وَكَذَا إنْ أَكَلَ سَوِيقًا أَوْ سَفَّ دَقِيقًا لِأَنَّهُ يُقْتَاتُ وَكَذَا حَبٌّ يُقْتَاتُ خُبْزُهُ لِحَدِيثِ {إنَّهُ كَانَ يَدَّخِرُ قُوتَ عِيَالِهِ سَنَةً} وَإِنَّمَا كَانَ يَدَّخِرُ الْحَبَّ. (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ طَعَامًا مَا حَنِثَ بِ) اسْتِعْمَالِ (كُلِّ مَا يُؤْكَلُ وَيُشْرَبُ) مِنْ قُوتٍ وَأُدْمٍ وَحَلْوَى وَفَاكِهَةٍ وَجَامِدٍ وَمَائِعٍ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلًّا لِبَنِي إسْرَائِيلَ إلَّا مَا حَرَّمَ إسْرَائِيلُ عَلَى نَفْسِهِ...} الْآيَةَ وَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ {لَا أَعْلَمُ مَا يُجْزِئُ عَنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ إلَّا اللَّبَنُ} رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ و(لَا) يَحْنَثُ (بِ) شُرْبِ (مَاءٍ وَدَوَاءٍ وَ) لَا بِأَكْلِ (وَرَقِ شَجَرٍ وَتُرَابٍ وَنَحْوِهَا) كَنُشَارَةِ خَشَبٍ لِأَنَّ اسْمَ الطَّعَامِ لَا يَتَنَاوَلُهُ عُرْفًا. (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يَشْرَبُ مَاءً حَنِثَ بِمَاءِ مِلْحٍ وَ) مَاءٍ (نَجِسٍ) لِأَنَّهُ مَاءٌ (لَا) بِشُرْبِ (جُلَّابٍ) لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَاءٍ. (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يَتَغَدَّى فَأَكَلَ بَعْدَ الزَّوَالِ أَوْ) حَلَفَ (لَا يَتَعَشَّى فَأَكَلَ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ أَوْ) حَلَفَ (لَا يَتَسَحَّرُ فَأَكَلَ قَبْلَهُ) أَيْ قَبْلَ نِصْفِ اللَّيْلِ (لَمْ يَحْنَثْ) حَيْثُ لَا نِيَّةَ؛ لِأَنَّ الْغَدَاءَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْغَدْوَةِ وَهِيَ مِنْ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى الزَّوَالِ وَالْعِشَاءُ مِنْ الْعَشِّي وَهُوَ مِنْ الزَّوَالِ إلَى نِصْفِ اللَّيْلِ وَالسُّحُورُ مِنْ السَّحَرِ وَهُوَ مِنْ نِصْفِ اللَّيْلِ إلَى طُلُوعِ الْفَجْرِ وَالْغَدَاءُ وَالْعَشَاءُ أَنْ يَأْكُلَ أَكْثَرَ مِنْ نِصْفِ شِبَعِهِ وَالْأَكْلَةُ مَا يَعُدُّهُ النَّاسُ أَكْلَةً وَبِالضَّمِّ اللُّقْمَةُ. (وَمَنْ أَكَلَ مَا حَلَفَ لَا يَأْكُلُهُ مُسْتَهْلَكًا فِي غَيْرِهِ كَسَمْنٍ) حَلَفَ لَا يَأْكُلُهُ (فَأَكَلَهُ فِي بَيْضٍ أَوْ) حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ بَيْضًا فَأَكَلَهُ نَاطِفًا أَوْ) حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ شَعِيرًا فَأَكَلَ حِنْطَةً فِيهَا حَبَّاتُ شَعِيرٍ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ مَا أَكَلَهُ لَا يُسَمَّى سَمْنًا وَلَا بَيْضًا وَالْحِنْطَةُ فِيهَا شَعِيرٌ لَا تُسَمَّى شَعِيرًا (إلَّا إذَا ظَهَرَ طَعْمُ شَيْءٍ مِنْ مَحْلُوفٍ عَلَيْهِ) كَظُهُورِ طَعْمِ السَّمْنِ فِي الْخَبِيصِ أَوْ الْبَيْضِ فِي النَّاطِفِ أَوْ الشَّعِيرِ فِي الْحِنْطَةِ فَيَحْنَثُ. (وَ) مَنْ حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ سَوِيقًا أَوْ) لَا يَأْكُلُ هَذَا (السَّوِيقَ فَشَرِبَهُ أَوْ) حَلَفَ (لَا يَشْرَبُهُ فَأَكَلَهُ حَنِثَ) لِأَنَّ الْيَمِينَ عَلَى تَرْكِ أَكْلِ شَيْءٍ أَوْ شُرْبِهِ يُقْصَدُ بِهَا عُرْفًا اجْتِنَابُهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا} وَقَوْلُ الطَّبِيبِ لِلْمَرِيضِ لَا تَأْكُلْ عَسَلًا. (وَ) إنْ حَلَفَ عَنْ شَيْءٍ (لَا يَطْعَمُهُ حَنِثَ بِأَكْلِهِ وَشُرْبِهِ وَمَصِّهِ) لِأَنَّ الطَّعْمَ كَمَا يَتَنَاوَلُ الْأَكْلَ يَتَنَاوَلُ الشُّرْبَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي وَمَنْ لَمْ يَطْعَمْهُ فَإِنَّهُ مِنِّي} وَالْمَصُّ لَا يَخْلُو عَنْ كَوْنِهِ أَكْلًا أَوْ شُرْبًا و(لَا) يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَطْعَمُهُ (بِذَوْقِهِ) لِأَنَّهُ لَا يُجَاوِزُ اللِّسَانَ فَلَيْسَ طَعْمًا بِخِلَافِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ فَيُجَاوِزَانِ الْحَلْقَ. (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ أَوْ) حَلَفَ (لَا يَشْرَبُ أَوْ) حَلَفَ (لَا يَفْعَلُهُمَا) أَيْ لَا يَأْكُلُ وَلَا يَشْرَبُ (لَمْ يَحْنَثْ بِمَصِّ قَصَبِ سُكَّرٍ وَ) مَصِّ (رُمَّانٍ) لِأَنَّهُ لَيْسَ أَكْلًا وَلَا شُرْبًا عُرْفًا (وَلَا) يَحْنَثُ (بِبَلْعِ ذَوْبِ سُكَّرٍ فِي فِيهِ بِحَلِفِهِ لَا يَأْكُلُ سُكَّرًا) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى مَصِّ الْقَصَبِ. (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ مَائِعًا فَأَكَلَهُ بِخُبْزٍ) حَنِثَ لِأَنَّهُ يُسَمَّى أَكْلًا لِحَدِيثِ {كُلُوا الزَّيْتَ وَادَّهِنُوا بِهِ}. (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَشْرَبُ مِنْ النَّهْرِ أَوْ) حَلَفَ (لَا يَشْرَبُ مِنْ الْبِئْرِ فَاغْتَرَفَ) مِنْ أَحَدِهِمَا (بِإِنَاءٍ وَشَرِبَ) مِنْهُ (حَنِثَ) لِأَنَّهُمَا لَيْسَا آلَةَ شُرْبٍ عَادَةً بَلْ الشُّرْبُ مِنْهُمَا عُرْفًا بِالِاغْتِرَافِ بِالْيَدِ أَوْ الْإِنَاءِ و(لَا) يَحْنَثُ (إنْ حَلَفَ لَا يَشْرَبُ مِنْ الْكُوزِ فَصَبَّ مِنْهُ فِي إنَاءٍ وَشَرِبَهُ) لِأَنَّ الْكُوزَ آلَةُ شُرْبٍ فَالشُّرْبُ مِنْهُ حَقِيقَةُ الْكَرْعِ فِيهِ وَلَمْ يُوجَدْ. (وَ) مَنْ حَلَفَ (لَا يَأْكُلُ مِنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ حَنِثَ بِثَمَرَتِهَا) إذَا أَكَلَهَا فَقَطْ دُونَ وَرَقِهَا وَنَحْوِهِ لِأَنَّهَا الَّتِي تَتَبَادَرُ لِلذِّهْنِ فَاخْتَصَّ الْيَمِينُ بِهَا (وَلَوْ لَقَطَهَا مِنْ تَحْتِهَا) أَوْ أَكَلَهَا فِي إنَاءٍ لِأَنَّهَا مِنْ الشَّجَرَةِ.
وَمَنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ شَيْئًا فَلَبِسَ ثَوْبًا أَوْ دِرْعًا أَوْ جَوْشَنًا، أَوْ قَلَنْسُوَةً أَوْ عِمَامَةً (أَوْ خُفًّا أَوْ نَعْلًا حَنِثَ) لِأَنَّهُ مَلْبُوسٌ حَقِيقَةً وَعُرْفًا كَالثِّيَابِ، وَقِيلَ لِابْنِ عُمَرَ إنَّك تَلْبَسُ هَذِهِ النِّعَالَ. قَالَ {إنِّي رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُهَا} لَكِنْ إنْ أَدْخَلَ يَدَهُ فِي الْخُفِّ أَوْ النَّعْلِ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ لَا يُعَدُّ لِبْسًا عُرْفًا. (وَ) مَنْ حَلَفَ (لَا يَلْبَسُ ثَوْبًا حَنِثَ كَيْفَ لَبِسَهُ وَلَوْ تَعَمَّمَ بِهِ أَوْ ارْتَدَى بِسَرَاوِيلَ) حَلَفَ لَا يَلْبَسُهَا (أَوْ اتَّزَرَ بِقَمِيصٍ) حَلَفَ لَا يَلْبَسُهُ لِأَنَّهُ لَبِسَهُ و(لَا) يَحْنَثُ (بِطَيِّهِ وَتَرْكِهِ عَلَى رَأْسِهِ) مَطْوِيًّا (وَلَا بِنَوْمِهِ عَلَيْهِ أَوْ تَدَثُّرِهِ) أَيْ: جَعْلِهِ دِثَارًا أَوْ الْتِحَافِهِ (بِهِ) لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى لِبْسًا (وَلَا يَلْبَسُ قَمِيصًا فَارْتَدَى بِهِ) بِأَنْ جَعَلَهُ مَكَانَ الرِّدَاءِ حَنِثَ؛ لِأَنَّ الْمُرْتَدِيَ لَابِسٌ و(لَا) يَحْنَثُ (إنْ اتَّزَرَ بِهِ) أَيْ: جَعَلَهُ مَكَانَ الْإِزَارِ. (وَ) مَنْ حَلَفَ (لَا يَلْبَسُ حُلِيًّا فَلَبِسَ حِلْيَةَ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ أَوْ جَوْهَرٍ أَوْ) لَبِسَ (مِنْطَقَةً مُحَلَّاةً) بِذَلِكَ (أَوْ) لَبِسَ (خَاتَمًا) مِنْ ذَهَبٍ أَوْ فِضَّةٍ (وَلَوْ فِي غَيْرِ خِنْصَرٍ أَوْ) فَلَبِسَ (دَرَاهِمَ أَوْ دَنَانِيرَ فِي مُرْسَلَةٍ) أَوْ مِخْنَقَةٍ مِنْ لُؤْلُؤٍ أَوْ جَوْهَرٍ و(حِنْثَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمِنْ كُلٍّ تَأْكُلُونَ لَحْمًا طَرِيًّا وَتَسْتَخْرِجُونَ حِلْيَةً تَلْبَسُونَهَا}، {يُحَلُّونَ فِيهَا مِنْ أَسَاوِرَ مِنْ ذَهَبٍ وَلُؤْلُؤًا} وَلِأَنَّ الْفِضَّةَ حُلِيٌّ إذَا كَانَتْ سِوَارًا أَوْ خَلْخَالًا، فَكَذَا إذَا كَانَتْ خَاتَمًا، وَلِأَنَّ اللُّؤْلُؤَ وَالْجَوْهَرَ حُلِيٌّ مَعَ غَيْرِهِ فَكَانَ حُلِيًّا وَحْدَهُ كَالذَّهَبِ و(لَا) يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ حُلِيًّا إنْ لَبِسَ (عَقِيقًا أَوْ سَبْحًا أَوْ حَرِيرًا) لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى حِلْيَةً كَحِرْزِ الزُّجَاجِ (وَلَا إنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ قَلَنْسُوَةً فَلَبِسَهَا فِي رِجْلِهِ) لِأَنَّهُ لَيْسَ لَابِسًا لَهَا. (وَ) مَنْ حَلَفَ (لَا يَدْخُلُ دَارَ فُلَانٍ أَوْ) حَلَفَ (لَا يَرْكَبُ دَابَّتَهُ أَوْ) حَلَفَ (لَا يَلْبَسُ ثَوْبَهُ حَنِثَ بِمَا جَعَلَهُ) فُلَانٌ (لِعَبْدِهِ) مِنْ دَارٍ وَدَابَّةٍ وَثَوْبٍ لِأَنَّهُ مِلْكُ سَيِّدِهِ (أَوْ) بِمَا (أَجَّرَهُ) فُلَانٌ مِنْ هَذِهِ (أَوْ اسْتَأْجَرَهُ) مِنْهَا لِبَقَاءِ مِلْكِهِ لِلْمُؤَجِّرِ وَلِمِلْكِهِ مَنَافِعَ مَا اسْتَأْجَرَهُ و(لَا) يَحْنَثُ (بِمَا اسْتَعَارَهُ) فُلَانٌ مِنْ هَذِهِ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُ مَنَافِعَهُ بَلْ الْإِعَارَةُ إبَاحَةٌ بِخِلَافِ الْإِجَارَةِ. (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يَدْخُلُ مَسْكَنَهُ) أَيْ فُلَانٍ (حَنِثَ بِمُسْتَأْجَرٍ) يَسْكُنُهُ. (وَ) بِ (مُسْتَعَارٍ) يَسْكُنُهُ (وَبِمَغْصُوبٍ يَسْكُنُهُ) لِأَنَّهُ مَسْكَنُهُ و(لَا) يَحْنَثُ (بِ) دُخُولِ (مِلْكِهِ الَّذِي لَا يَسْكُنُهُ) لِأَنَّهُ إنَّمَا حَلَفَ عَلَى مَسْكَنِهِ وَلَيْسَ هَذَا مَسْكَنًا لَهُ (وَإِنْ قَالَ) وَاَللَّهِ لَا أَدْخُلُ (مِلْكَهُ لَمْ يَحْنَثْ بِ) دُخُولِ (مُسْتَأْجَرٍ) وَلَا مُسْتَعَارٍ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِلْكًا لَهُ. (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يَرْكَبُ دَابَّةَ عَبْدِ فُلَانٍ حَنِثَ) بِرُكُوبِ (مَا جُعِلَ) مِنْ الدَّوَابِّ (بِرَسْمِهِ) أَيْ: الْعَبْدِ لِاخْتِصَاصِهِ بِهِ (كَ) حِنْثِهِ بِ (حَلِفِهِ لَا يَرْكَبُ رَحْلَ هَذِهِ الدَّابَّةِ أَوْ لَا يَبِيعُهُ) إذَا رَكِبَ أَوْ بَاعَ مَا جَعَلَ رَحْلًا لَهَا. (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يَدْخُلُ) دَارًا مُعَيَّنَةً فَدَخَلَ سَطْحَهَا (حَنِثَ) لِأَنَّ الْهَوَاءَ تَابِعٌ لِلْقَرَارِ فَلِذَلِكَ صَحَّ الِاعْتِكَافُ بِسَطْحِ الْمَسْجِدِ وَمُنِعَ مِنْهُ نَحْوِ حَائِضٍ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَدْخُلُ بَابَهَا فَحَوَّلَ) الْبَابَ (وَدَخَلَهُ حَنِثَ) لِأَنَّ الْمُحْدَثَ هُوَ بَابُهَا و(لَا) يَحْنَثُ (إنْ دَخَلَ طَاقَ الْبَابِ) لِأَنَّ الدَّارَ عُرْفًا مَا يُغْلَقُ عَلَيْهِ بَابُهَا فَطَاقُ الْبَابِ خَارِجٌ عَنْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنْهَا (أَوْ وَقَفَ عَلَى حَائِطِهَا) فَلَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى دُخُولًا كَمَا لَوْ تَعَلَّقَ بِغُصْنِ شَجَرَةٍ خَارِجَ الدَّارِ وَأَصْلُهَا بِهَا. (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يُكَلِّمُ إنْسَانًا حَنِثَ بِكَلَامِ كُلِّ إنْسَانٍ) ذَكَرًا أَوْ أُنْثَى صَغِيرًا وَكَبِيرًا حُرًّا وَرَقِيقًا لِأَنَّهُ نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ فَيَعُمُّ (حَتَّى بِ) قَوْلِهِ لَهُ (تَنَحَّ أَوْ اُسْكُتْ) وَزَجْرِهِ بِكُلِّ لَفْظٍ لِأَنَّهُ كَلَامٌ فَيَدْخُلُ فِيمَا حَلَفَ عَلَى عَدَمِهِ و(لَا) يَحْنَثُ (بِسَلَامٍ مِنْ صَلَاةٍ صَلَّاهَا إمَامًا) نَصًّا لِأَنَّهُ قَوْلٌ مَشْرُوعٌ فِي الصَّلَاةِ كَالتَّكْبِيرَاتِ. (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا كَلَّمْت زَيْدًا فَكَاتَبَهُ أَوْ رَاسَلَهُ حَنِثَ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إلَّا وَحْيًا أَوْ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا} وَحَدِيثِ {مَا بَيْنَ دَفَّتَيْ الْمُصْحَفِ كَلَامُ اللَّهِ} (مَا لَمْ يَنْوِ) حَالِفٌ (مُشَافَهَتَهُ) بِالْكَلَامِ فَلَا يَحْنَثُ بِالْمُكَاتَبَةِ وَلَا الْمُرَاسَلَةِ لِعَدَمِ الْمُشَافَهَةِ فِيهِمَا (إلَّا إذَا أُرْتِجَ عَلَيْهِ) أَيْ: الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ أَنْ لَا يُكَلِّمَهُ (فِي صَلَاةٍ فَفَتَحَ) حَالِفٌ (عَلَيْهِ) وَإِنْ لَمْ يَكُنْ إمَامًا لَهُ فَلَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ وَلَيْسَ كَلَامَ الْآدَمِيِّينَ قَالَ أَبُو الْوَفَاءِ: لَوْ حَلَفَ لَا يَسْمَعُ كَلَامَ اللَّهِ فَسَمِعَ الْقُرْآنَ حَنِثَ إجْمَاعًا (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا بَدَأْتَهُ بِكَلَامٍ فَتَكَلَّمَا مَعًا لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ لَمْ يَبْدَأْهُ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَتَقَدَّمْهُ بِهِ. (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا كَلَّمْته) أَيْ فُلَانًا (حَتَّى يُكَلِّمَنِي أَوْ) حَتَّى (يَبْدَأَنِي بِكَلَامٍ فَتَكَلَّمَا مَعًا حَنِثَ) لِمُخَالَفَتِهِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ. (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا كَلَّمْته) أَيْ فُلَانًا (حِينًا أَوْ) حَلَفَ لَا كَلَّمْته (الزَّمَانَ وَلَا نِيَّةَ) لِحَالِفٍ (تَخُصُّ قَدْرًا مُعَيَّنًا مِنْهُ فَ) الْمُدَّةُ (سِتَّةَ أَشْهُرٍ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْأُولَى لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْله تَعَالَى: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ} إنَّهُ سِتَّةُ أَشْهُرٍ. وَقَالَهُ عِكْرِمَةُ وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ وَأَبُو عُبَيْدٍ وَالزَّمَانُ مُعَرَّفًا فِي مَعْنَاهُ (وَ) إنْ حَلَفَ لَا. كَلَّمْت زَيْدًا (زَمَنًا أَوْ أَمَدًا أَوْ دَهْرًا أَوْ بَعِيدًا أَوْ مَلِيًّا أَوْ عُمْرًا أَوْ طَوِيلًا أَوْ حُقُبًا أَوْ وَقْتًا فَأَقَلُّ زَمَانٍ) لِأَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لَا حَدَّ لَهَا لُغَةً وَلَا عُرْفًا، بَلْ تَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ فَوَجَبَ حَمْلُهَا عَلَى أَقَلِّ مَا يَتَنَاوَلُ الِاسْمُ وَقَدْ يَكُونُ الْبَعِيدُ قَرِيبًا بِالنِّسْبَةِ إلَى مَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْهُ وَبِالْعَكْسِ، وَلَا يَجُوزُ التَّخْصِيصُ بِالتَّحَكُّمِ (وَ) إنْ حَلَفَ لَا كَلَّمْته (الْعُمُرَ) مُعَرَّفًا (أَوْ) حَلَفَ لَا كَلَّمْته (الْأَبَدَ) مُعَرَّفًا (أَوْ) حَلَفَ لَا كَلَّمْته (الدَّهْرَ) مُعَرَّفًا (فَ) ذَلِكَ (كُلُّ الزَّمَانِ) حَمْلًا لِأَلْ عَلَى الِاسْتِغْرَاقِ لِتَبَادُرِهِ وَالْحُقَبُ مُعَرَّفًا ثَمَانُونَ سَنَةً جَزَمَ بِهِ جَمْعٌ. (وَ) إنْ حَلَفَ لَا كَلَّمْته (أَشْهُرًا أَوْ) لَا كَلَّمْته (شُهُورًا أَوْ) لَا كَلَّمْته (أَيَّامًا فَ) ذَلِكَ (ثَلَاثَةُ) أَشْهُرٍ فِي الْأُولَيَيْنِ أَوْ أَيَّامٍ فِي الْأَخِيرَةِ، لِأَنَّ الثَّلَاثَةَ أَقَلُّ الْجَمِيعِ وَالزَّائِدُ مَشْكُوكٌ فِيهِ، وَإِنْ عَيَّنَ بِحَلِفِهِ أَيَّامًا تَبِعَهَا اللَّيَالِي. (وَ) إنْ حَلَفَ لَا كَلَّمْته (إلَى الْحَصَادِ أَوْ) إلَى (الْجِذَاذِ فَ) إنَّهُ تَنْتَهِي مُدَّةُ حَلِفِهِ (إلَى أَوَّلِ مُدَّتِهِ) أَيْ: الْحَصَادِ، وَالْجِذَاذِ لِأَنَّ إلَى لِانْتِهَاءِ الْغَايَةِ فَلَا تَدْخُلُ مُدَّتُهَا فِي حَلِفِهِ. (وَ) إنْ حَلَفَ لَا كَلَّمْت زَيْدًا (الْحَوْلَ فَ) عِدَّةُ حَلِفِهِ حَوْلٌ (كَامِلٌ) مِنْ الْيَمِينِ (لَا تَتِمَّتُهُ) إنْ حَلَفَ فِي أَثْنَاءِ حَوْلٍ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ حَوْلًا. (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يَتَكَلَّمُ فَقَرَأَ أَوْ سَبَّحَ أَوْ ذَكَرَ اللَّهَ تَعَالَى أَوْ قَالَ لِمَنْ دَقَّ عَلَيْهِ الْبَابَ: {اُدْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ} بِقَصْدِ الْقُرْآنِ وَتَنْبِيهُهُ لَهُ لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ الْكَلَامَ عُرْفًا كَلَامُ الْآدَمِيِّينَ خَاصَّةً لِحَدِيثِ {إنَّ اللَّهَ يُحْدِثُ مِنْ أَمْرِهِ مَا يَشَاءُ، وَقَدْ أَحْدَثَ لَا تَتَكَلَّمُوا فِي الصَّلَاةِ} وقَالَ زَيْدُ بْنُ أَرْقَمَ كُنَّا نَتَكَلَّمُ فِي. الصَّلَاةِ حَتَّى نَزَلَ {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} {فَأُمِرْنَا بِالسُّكُوتِ وَنُهِينَا عَنْ الْكَلَامِ} وَقَالَ تَعَالَى: {آيَتُكَ أَنْ لَا تُكَلِّمَ النَّاسَ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ إلَّا رَمْزًا، وَاذْكُرْ رَبَّكَ كَثِيرًا وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِّ وَالْإِبْكَارِ} وَلِأَنَّ مَا لَا يَحْنَثُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ لَا يَحْنَثُ بِهِ خَارِجَهَا (وَإِنْ لَمْ يَقْصِدْ بِهِ) أَيْ: بِادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ (الْقُرْآنَ حَنِثَ) وَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَطْلَقَ لِأَنَّهُ إذَنْ مِنْ كَلَامِ الْآدَمِيِّينَ (وَحَقِيقَةُ الذِّكْرِ مَا نَطَقَ بِهِ) وَمَا لَا يَنْطِقُ بِهِ حَدِيثُ نَفْسٍ. (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا مِلْكَ لَهُ لَمْ يَحْنَثْ بِدَيْنٍ) لَهُ لِاخْتِصَاصِ الْمِلْكِ بِالْأَعْيَانِ الْمَالِيَّةِ، وَالدَّيْنُ إنَّمَا يَتَعَيَّنُ الْمِلْكُ فِيمَا يَقْبِضُهُ مِنْهُ. (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا مَالَ لَهُ أَوْ) أَنَّهُ (لَا يَمْلِكُ مَالًا حَنِثَ بِ) مِلْكِ مَالٍ وَلَوْ (غَيْرِ زَكَوِيٍّ وَبِدَيْنٍ) لَهُ (وَضَائِعٍ لَمْ يَيْأَسْ مِنْ عَوْدِهِ وَبِمَغْصُوبٍ) لِأَنَّ الْمَالَ مَا تَنَاوَلَ النَّاسُ عَادَةً لِطَلَبِ الرِّبْحِ مِنْ الْمَيْلِ مِنْ يَدٍ إلَى يَدٍ، وَجَانِبٍ إلَى جَانِبٍ سَوَاءٌ وَجَبَتْ فِيهِ زَكَاةٌ أَوْ لَا لِقَوْلِ عُمَرَ: أَصَبْت أَرْضًا بِخَيْبَرَ لَمْ أُصِبْ مَالًا قَطُّ هُوَ أَنْفَسُ عِنْدِي مِنْهُ. وَفِي الْحَدِيثِ {خَيْرُ الْمَالِ سِكَّةٌ مَأْبُورَةٌ أَوْ مُهْرَةٌ مَأْمُورَةٌ} وَالسِّكَّةُ الطَّرِيقَةُ مِنْ النَّخْلِ الْمُصْطَفَّةُ وَالتَّأْبِيرُ التَّلْقِيحُ، وَقِيلَ السِّكَّةُ سِكَّةُ الْحَرْثِ، وَالدَّيْنُ مَالٌ تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ وَيَصِحُّ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِالْإِبْرَاءِ وَالْحَوَالَةِ وَنَحْوِهَا، وَالضَّائِعُ وَالْمَغْصُوبُ الْأَصْلُ بَقَاؤُهُمَا و(لَا) يَحْنَثُ مَنْ حَلَفَ لَا مَالَ لَهُ، أَوْ لَا يَمْلِكُ مَالًا (بِمُسْتَأْجَرٍ) لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مَالًا إذْ لَا يَمْلِكُ إلَّا مَنْفَعَتَهُ. (وَ) إنْ حَلَفَ (لِيَضْرِبَنَّهُ بِمِائَةٍ فَجَمَعَهَا وَضَرَبَهُ بِهَا ضَرْبَةً) وَاحِدَةً (بَرَّ) لِأَنَّهُ ضَرَبَهُ بِالْمِائَةِ و(لَا) يَبَرُّ (إنْ حَلَفَ لِيَضْرِبَنَّهُ بِمِائَةٍ) فَجَمَعَهَا وَضَرَبَهُ بِهَا ضَرْبَةً وَاحِدَةً (وَلَوْ آلَمَهُ) بِهَا لِأَنَّ ظَاهِرَ يَمِينِهِ أَنْ يَضْرِبَهُ مِائَةَ ضَرْبَةٍ لِيَتَكَرَّرَ أَلَمُهُ بِتَكَرُّرِ الضَّرْبِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ ضَرَبَهُ مِائَةَ بِنَحْوِ عُصَاةٍ وَاحِدَةٍ بَرَّ، وَلِأَنَّ الْآلَةَ هُنَا أُقِيمَتْ مَقَامَ الْمَصْدَرِ وَانْتَصَبَتْ انْتِصَابَهُ فَتَعَدَّدَ الضَّرْبُ بِتَعَدُّدِهَا.
وَإِنْ حَلَفَ لَا يَلْبَسُ مِنْ غَزْلِهَا أَيْ امْرَأَةٍ عَيَّنَهَا (وَعَلَيْهِ مِنْهُ) فَاسْتَدَامَهُ حَنِثَ نَصًّا؛ لِأَنَّ اسْتِدَامَةَ اللُّبْسِ لُبْسٌ وَلِهَذَا وَجَبَتْ الْفِدْيَةُ عَلَى ذَكَرٍ أَحْرَمَ فِي مِخْيَطٍ وَاسْتَدَامَهُ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَرْكَبُ أَوْ لَا يَلْبَسُ أَوْ لَا يَقُومُ أَوْ لَا يَقْعُدُ أَوْ لَا يُسَافِرُ) وَاسْتَدَامَ ذَلِكَ حَنِثَ لِصِحَّةِ أَنْ يُقَالَ فَعَلْت كَذَا يَوْمًا (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَطَأُ) وَاسْتَدَامَ ذَلِكَ حَنِثَ لِمَا سَبَقَ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يُمْسِكُ) شَيْئًا هُوَ مَاسِكُهُ وَاسْتَدَامَ حَنِثَ لِوُجُودِ الْإِمْسَاكِ ولِذَلِكَ مَنْ أَحْرَمَ وَبِيَدِهِ الْمُشَاهَدَةِ صَيْدٌ لَزِمَهُ إرْسَالُهُ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يُشَارِكُ) وَاسْتَدَامَ الشَّرِكَةَ حَنِثَ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَصُومُ) وَاسْتَدَامَهُ حَنِثَ لِأَنَّهُ يُسَمَّى صَائِمًا (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَحُجُّ) أَوْ يَعْتَمِرُ (أَوْ لَا يَطُوفُ) أَوْ يَسْعَى (وَهُوَ كَذَلِكَ) أَيْ: مُتَلَبِّسٌ بِمَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُهُ مِمَّا سَبَقَ وَدَامَ حَنِثَ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَدْخُلُ دَارًا وَهُوَ دَاخِلُهَا) وَدَامَ حَنِثَ إذْ اسْتِدَامَةُ الْمَقَامِ فِي مِلْكِ الْغَيْرِ كَابْتِدَائِهِ فِي التَّحْرِيمِ (أَوْ) حَلَفَ عَلَى امْرَأَةٍ (لَا يُضَاجِعُهَا عَلَى فِرَاشٍ فَضَاجَعَتْهُ وَدَامَ) حَنِثَ بِالِاسْتِدَامَةِ كَالِابْتِدَاءِ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَدْخُلُ عَلَيَّ فُلَانٌ بَيْتًا فَدَخَلَ فُلَانٌ عَلَيْهِ) بَيْتًا (فَأَقَامَ مَعَهُ حَنِثَ) قِيَاسًا عَلَى الَّتِي قَبْلَهَا وَكَذَلِكَ فِعْلٌ يَنْقَضِي وَيَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ الزَّمَانِ كَالْكِتَابَةِ وَالْخِيَاطَةِ وَالْبِنَاءِ إذَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُهُ وَاسْتَدَامَ حَنِثَ (مَا لَمْ تَكُنْ) لِحَالِفٍ (نِيَّةٌ) كَأَنْ نَوَى لَا يَلْبَسُ مِنْ غَزْلِهَا غَيْرَ مَا هُوَ لَابِسُهُ أَوْ غَيْرَ هَذَا الْيَوْمِ أَوْ لَا يُسَافِرُ أَوْ لَا يَطَأُ غَيْرَ هَذِهِ الْمَرَّةِ فَيَرْجِعُ إلَى نِيَّتِهِ فَإِنْ لَمْ تَكُنْ فَإِلَى سَبَبِ الْيَمِينِ إنْ كَانَ و(لَا) يَحْنَثُ (إنْ حَلَفَ لَا يَتَزَوَّجُ أَوْ) لَا (يَتَطَهَّرُ أَوْ) لَا (يَتَطَيَّبُ فَاسْتَدَامَ ذَلِكَ) لِأَنَّ. اسْمَ الْفِعْلِ فِي هَذِهِ الثَّلَاثَةِ لَا يُطْلَقُ عَلَى مُسْتَدِيمِهَا فَلَا يُقَالُ تَزَوَّجْت أَوْ تَطَهَّرْت أَوْ تَطَيَّبْت شَهْرًا بَلْ مُنْذُ شَهْرٍ لِأَنَّ فِعْلَهَا انْقَضَى وَلَا يَتَجَدَّدُ بِتَجَدُّدِ الزَّمَانِ وَالْبَاقِي أَثَرُهُ وَلَمْ يُنَزِّلْ الشَّرْعُ اسْتِدَامَةَ التَّزْوِيجِ وَالتَّطَيُّبِ مَنْزِلَةَ ابْتِدَائِهِمَا فِي الْإِحْرَامِ. (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يَسْكُنُ) مَعَ فُلَانٍ (أَوْ لَا يُسَاكِنُ فُلَانًا وَهُوَ سَاكِنٌ) مَعَهُ (أَوْ مُسَاكِنٌ) لَهُ (فَأَقَامَ فَوْقَ زَمَنٍ يُمْكِنُهُ الْخُرُوجُ فِيهِ عَادَةً نَهَارًا بِنَفْسِهِ وَأَهْلِهِ وَمَتَاعِهِ الْمَقْصُودِ) حَنِثَ بِالِاسْتِدَامَةِ (وَلَوْ بَنَى بَيْنَهُ وَبَيْنَ فُلَانٍ حَاجِزًا وَهُمَا مُتَسَاكِنَانِ حَنِثَ) لِتَسَاكُنِهِمَا قَبْلَ انْتِهَاءِ بِنَاءِ الْحَاجِزِ و(لَا) يَحْنَثُ (إنْ أَوْدَعَ مَتَاعَهُ أَوْ أَعَارَهُ أَوْ مَلَّكَهُ) لِغَيْرِهِ. قُلْت بِلَا حِيلَةٍ (أَوْ لَمْ يَجِدْ مَسْكَنًا) يَنْتَقِلُ إلَيْهِ (أَوْ) لَمْ يَجِدْ (مَا يَنْقُلُهُ) أَيْ: مَتَاعَهُ (بِهِ أَوْ أَبَتْ زَوْجَتُهُ الْخُرُوجَ مَعَهُ وَلَا يُمْكِنُهُ إجْبَارُهَا وَلَا النُّقْلَةُ بِدُونِهَا) فَأَقَامَ (مَعَ نِيَّةِ النُّقْلَةِ إذَا قَدَرَ) عَلَيْهَا (أَوْ أَمْكَنَتْهُ) نُقْلَةٌ (بِدُونِهَا) أَيْ: زَوْجَتِهِ (فَخَرَجَ وَحْدَهُ) لِوُجُودِ مَقْدُورِهِ مِنْ النُّقْلَةِ (أَوْ كَانَ بِالدَّارِ حُجْرَتَانِ لِكُلِّ حُجْرَةٍ) أَيْ: مَسْكَنٍ (مِنْهُمَا بَابٌ وَمِرْفَقٌ) أَيْ: مِرْحَاضٍ يَخْتَصُّ بِهَا (فَسَكَنَ كُلُّ وَاحِدٍ حُجْرَةً وَلَا نِيَّةَ) لِحَالِفٍ تَمْنَعُ ذَلِكَ (وَلَا سَبَبَ) لِيَمِينِهِ يَقْتَضِي مَنْعَهُ مِنْهُ لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ لَيْسَ مُسَاكِنًا لَهُ بَلْ وَحْدَهُ وَإِنْ كَانَ بِنِيَّةٍ أَوْ سَبَبٍ رَجَعَ إلَيْهِ (وَلَا) يَحْنَثُ (إنْ حَلَفَ عَلَى) دَارٍ (مُعَيَّنَةٍ لَا سَاكِنَتِهِ) أَيْ: فُلَانًا (بِهَا وَهُمَا) أَيْ: الْحَالِفُ وَفُلَانٌ (غَيْرُ مُتَسَاكِنَيْنِ) عِنْدَ حَلِفٍ (فَبَنَيَا بَيْنَهُمَا) أَيْ: الْمَوْضِعَيْنِ الَّذِي يُرِيدُ كُلٌّ مِنْهُمَا أَنْ يَسْكُنَهُ (حَائِطًا وَفَتَحَ كُلٌّ) مِنْهُمَا (لِنَفْسِهِ بَابًا وَسَكَنَاهَا) لِأَنَّهُ لَمْ يُسَاكِنُهُ. (وَ) إنْ حَلَفَ (لَيَخْرُجَنَّ) مِنْ هَذِهِ الدَّارِ (أَوْ) حَلَفَ (لَيَرْحَلَنَّ مِنْ) هَذِهِ (الدَّارِ أَوْ) حَلَفَ (لَا يَأْوِي) فِي هَذِهِ الدَّارِ (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَنْزِلُ فِيهَا) فَهُوَ (كَ) حَلِفِهِ (لَا يَسْكُنُهَا) فِيمَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ (وَكَذَا) إنْ حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ أَوْ لَيَرْحَلَنَّ مِنْ هَذِهِ الْبَلَدِ (إلَّا أَنَّهُ يَبَرُّ بِخُرُوجِهِ) مِنْ الْبَلَدِ (وَحْدَهُ إذَا حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ مِنْهُ) أَيْ: الْبَلَدِ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ أَنَّهُ خَرَجَ مِنْهُ إذَنْ بِخِلَافِ الدَّارِ لِأَنَّ صَاحِبَهَا يَخْرُجُ مِنْهَا فِي الْيَوْمِ مَرَّاتٍ عَادَةً فَظَاهِرُ حَالِهِ أَنَّهُ يُرِيدُ غَيْرَ ذَلِكَ الْمُعْتَادِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَبَرُّ بِخُرُوجِهِ وَحْدَهُ إذَا حَلَفَ لَيَرْحَلَنَّ مِنْ الْبَلَدِ بَلْ بِأَهْلِهِ وَمَتَاعِهِ الْمَقْصُودِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي الدَّارِ (وَلَا يَحْنَثُ بِعَوْدِهِ) إلَى الدَّارِ وَالْبَلَدِ (إذَا حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ أَوْ لَيَرْحَلَنَّ مِنْ الدَّارِ) لَا إنْ حَلَفَ لَا يَسْكُنُهَا (أَوْ) مِنْ (الْبَلَدِ وَخَرَجَ) لِأَنَّ يَمِينَهُ انْحَلَّتْ بِالْخُرُوجِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ (مَا لَمْ تَكُنْ) لَهُ (نِيَّةٌ أَوْ) يَكُنْ هُنَاكَ (سَبَبٌ) يَقْتَضِي هِجْرَانَ مَا حَلَفَ لَيَخْرُجَنَّ أَوْ لَيَرْحَلَنَّ مِنْهُ (وَالسَّفَرُ الْقَصِيرُ سَفَرٌ يَبَرُّ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَيُسَافِرَنَّ وَيَحْنَثُ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يُسَافِرُ) لِدُخُولٍ فِي مُسَمَّى السَّفَرِ (وَكَذَا النَّوْمُ الْيَسِيرُ) فَيَبَرُّ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَيَنَامَنَّ وَيَحْنَثُ بِهِ مَنْ حَلَفَ لَا يَنَامُ (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يَسْكُنُ الدَّارَ) أَوْ الْبَلَدَ (فَدَخَلَهَا أَوْ كَانَ فِيهَا غَيْرَ سَاكِنٍ) كَالزَّائِرِ (فَدَامَ جُلُوسُهُ لَمْ يَحْنَثْ) قَالَ الشَّيْخُ تَقِيُّ الدِّينِ: الزِّيَارَةُ لَيْسَتْ بِسُكْنَى اتِّفَاقًا وَلَوْ طَالَتْ مُدَّتُهَا. (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يَدْخُلُ دَارًا) وَنَحْوَهَا (فَحُمِلَ وَأُدْخِلَهَا وَأَمْكَنَهُ الِامْتِنَاعُ فَلَمْ يَمْتَنِعُ) حَنِثَ لِدُخُولِهِ غَيْرَ مُكْرَهٍ كَمَا لَوْ حُمِلَ بِأَمْرِهِ وَإِنْ لَمْ يُمْكِنْهُ الِامْتِنَاعُ لَمْ. يَحْنَثْ نَصًّا لِأَنَّ فِعْلَ الْمُكْرَهِ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ مَا لَمْ يَسْتَدِمْ بَعْدَ زَوَالِ الْإِكْرَاهِ وَمَتَى دَخَلَهَا بَعْدَ اخْتِيَارٍ حَنِثَ. (أَوْ) حَلَفَ (لَا يَسْتَخْدِمُ رَجُلًا) مَثَلًا حُرًّا أَوْ عَبْدًا (فَخَدَمَهُ) الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ (وَهُوَ) أَيْ الْحَالِفُ (سَاكِتٌ حَنِثَ) لِأَنَّ إقْرَارَهُ عَلَى خِدْمَتِهِ اسْتِخْدَامٌ لَهُ وَلِهَذَا يُقَالُ فُلَانٌ اسْتَخْدَمَ عَبْدَهُ إذَا خَدَمَهُ وَلَوْ بِلَا أَمْرِهِ.
وَمَنْ حَلَفَ لَيَشْرَبَنَّ هَذَا الْمَاءَ غَدًا أَوْ فِي غَدٍ أَوْ أَطْلَقَ (أَوْ) حَلَفَ (لَيَضْرِبَنَّ غُلَامَهُ غَدًا أَوْ فِي غَدٍ أَوْ أَطْلَقَ) بِأَنْ لَمْ يَقُلْ غَدًا وَلَا فِي غَدٍ (فَتَلِفَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ) أَيْ: الْمَاءُ بِأَنْ أُرِيقَ وَنَحْوِهِ وَالْغُلَامُ بِأَنْ مَاتَ (قَبْلَ الْغَدِ أَوْ فِيهِ) أَيْ الْغَدِ (قَبْلَ الشُّرْبِ أَوْ الضَّرْبِ حَنِثَ حَالَ تَلَفِهِ) لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مَا حَلَفَ عَلَى فِعْلِهِ فِي وَقْتٍ بِلَا إكْرَاهٍ وَلَا نِسْيَانٍ، وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْحِنْثِ، كَمَا لَوْ أَتْلَفَهُ بِاخْتِيَارِهِ، وَكَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَحُجَنَّ الْعَامَ فَلَمْ يَقْدِرْ لِمَرَضٍ وَنَحْوِهِ. وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا وَأَطْلَقَ وَتَلِفَ قَبْلَ فِعْلِهِ لِلْيَأْسِ مِنْ فِعْلِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ و(لَا) يَحْنَثُ (وَإِنْ جُنَّ حَالِفٌ) لَيَفْعَلَنَّ كَذَا غَدًا أَوْ فِي غَدٍ (قَبْلَ الْغَدِ حَتَّى خَرَجَ الْغَدُ) لِأَنَّ الْمَجْنُونَ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْحِنْثِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ فِعْلٌ وَلَا تَرْكٌ يُعْتَدُّ بِهِ (وَإِنْ أَفَاقَ) مِنْ جُنُونِهِ (قَبْلَ خُرُوجِهِ) أَيْ الْغَدِ (حَيْثُ أَمْكَنَهُ فِعْلُهُ) بِأَنْ أَدْرَكَ جُزْءًا مِنْ الْغَدِ يَسَعُهُ (أَوْ لَا) لِأَنَّهُ أَدْرَكَ جُزْءًا يَصِحُّ أَنْ يُنْسَبَ فِيهِ إلَى الْحِنْثِ وَيُحْكَمُ بِحِنْثِهِ (مِنْ أَوَّلِ الْغَدِ) كَمَا لَوْ أَفَاقَ فِي أَوَّلِهِ جُزْءًا لَوْ لَمْ يَتَّسِعْ لِلْفِعْلِ، ثُمَّ جُنَّ بَقِيَّتَهُ. وَ(لَا) يَحْنَثُ (إنْ مَاتَ) الْحَالِفُ (قَبْلَ الْغَدِ أَوْ أُكْرِهَ) عَلَى تَرْكِ شُرْبِهِ أَوْ ضَرْبِهِ حَتَّى خَرَجَ الْغَدُ (وَإِنْ قَالَ) وَاَللَّهِ لَأَشْرَبَنَّ هُنَا الْمَاءَ، أَوْ لَأَضْرِبَنَّ غُلَامِي وَنَحْوَهُ (الْيَوْمَ فَأَمْكَنَهُ) فِعْلُ مَحْلُوفٍ عَلَيْهِ بِأَنْ مَضَى بَعْدَ يَمِينِهِ مَا يَتَّسِعُ لِفِعْلِهِ (فَتَلِفَ) مَحْلُوفٌ عَلَيْهِ قَبْلَهُ (حَنِثَ عَقِبَهُ) لِلْيَأْسِ مِنْ فِعْلِهِ بِتَلَفِهِ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ تَلِفَ قَبْلَ تَمَكُّنِهِ مِنْ فِعْلِهِ لَا حِنْثَ. وَظَاهِرُ الْإِقْنَاعِ يَحْنَثُ (وَلَا يَبَرُّ) مَنْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّهُ غَدًا أَوْ. فِي غَدٍ، أَوْ يَوْمَ كَذَا (بِضَرْبِهِ قَبْلَ وَقْتٍ عَيَّنَهُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ فِي وَقْتِهِ الْمُعَيَّنِ لَهُ كَمَنْ حَلَفَ لَيَصُومَنَّ يَوْمَ الْخَمِيسِ فَصَامَ يَوْمًا قَبْلَهُ. وَ(لَا) يَبَرُّ بِضَرْبِهِ (مَيِّتًا) لِأَنَّ الْيَمِينَ إنَّمَا تَنْصَرِفُ إلَى ضَرْبِهِ حَيًّا تَأْلِيمًا لَهُ (وَ) لِهَذَا (لَا) يَبَرُّ (بِضَرْبٍ لَا يُؤْلِمُ) الْمَضْرُوبَ (وَيَبَرُّ) الْحَالِفُ (بِضَرْبِهِ مَجْنُونًا) حَالٌ مِنْ الْمَفْعُولِ لِأَنَّهُ يَتَأَلَّمُ بِالضَّرْبِ كَالْعَاقِلِ. (وَ) إنْ حَلَفَ لِرَبِّ حَقٍّ (لَيَقْضِيَنَّهُ حَقَّهُ غَدًا فَأَبْرَأَهُ) رَبُّ الْحَقِّ (الْيَوْمَ) لَمْ يَحْنَثْ لِأَنَّهُ مَنَعَهُ بِإِبْرَائِهِ مِنْ قَضَائِهِ أَشْبَهَ الْمُكْرَهُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَقْصُودَ الْيَمِينِ الْبَرَاءَةُ إلَيْهِ فِي الْغَدِ وَقَدْ حَصَلَتْ (أَوْ أَخَذَ) رَبُّ الْحَقِّ (عَنْهُ عَرَضًا) لِحُصُولِ الْإِيفَاءِ بِهِ كَحُصُولِ بِجِنْسِ الْحَقِّ (أَوْ مُنِعَ) الْحَالِفُ (مِنْهُ) أَيْ: مِنْ قَضَاءِ الْحَقِّ (كَرْهًا) بِأَنْ أُكْرِهَ عَلَى عَدَمِ الْقَضَاءِ فَلَا يَحْنَثُ كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَى تَرْكِ فِعْلٍ أُكْرِهَ عَلَى فِعْلِهِ (أَوْ مَاتَ) رَبُّ الْحَقِّ (فَقَضَاهُ) الْحَالِفُ (لِوَرَثَتِهِ لَمْ يَحْنَثْ) لِقِيَامِ وَارِثِهِ مَقَامَهُ فِي الْقَضَاءِ كَوَكِيلِهِ. (وَ) إنْ حَلَفَ (لَيَقْضِيَنَّهُ) حَقَّهُ (عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ أَوْ مَعَ) رَأْسِهِ (أَوْ إلَى رَأْسِهِ أَوْ) إلَى (اسْتِهْلَالِهِ أَوْ عِنْدَ) رَأْسِ الشَّهْرِ (أَوْ مَعَ رَأْسِ الشَّهْرِ فَمَحِلُّهُ) أَيْ: الْقَضَاءِ الَّذِي يَبَرُّ بِهِ (عِنْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ) فَيَبَرُّ بِقَضَائِهِ فِيهِ (وَيَحْنَثُ) بِقَضَائِهِ (بَعْدَهُ) أَيْ: غُرُوبِ الشَّمْسِ مِنْ آخِرِ الشَّهْرِ لِفَوَاتِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ (وَلَا يَضُرُّ فَرَاغُ تَأَخُّرِ كَيْلِهِ وَوَزْنِهِ وَعَدِّهِ وَذَرْعِهِ) لِكَثْرَتِهِ حِينَ شَرَعَ مِنْ الْغُرُوبِ (وَ) لَا يَضُرُّ تَأَخُّرُ فَرَاغِ أَكْلِهِ (إذَا حَلَفَ لَيَأْكُلَنَّهُ عِنْدَ رَأْسِ الْهِلَالِ وَنَحْوِهِ وَشَرَعَ فِيهِ إذَا تَأَخَّرَ لِكَثْرَتِهِ) لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ عَمَلًا بِالْعَادَةِ. (وَ) إنْ حَلَفَ عَلَى غَرِيمِهِ (لَا أَخَذْت حَقَّك مِنِّي فَأُكْرِهَ) مَدِينٌ (عَلَى دَفْعِهِ) فَأَخَذَهُ غَرِيمَهُ حَنِثَ (أَوْ أَخَذَهُ) أَيْ الْحَقَّ (حَاكِمٌ فَدَفَعَهُ لِي غَرِيمُهُ فَأَخَذَهُ) غَرِيمُهُ (حَنِثَ) الْحَالِفُ نَصًّا (كَ) حَلِفِهِ (لَا تَأْخُذْ حَقَّك عَلَيَّ) فَأَخَذَهُ لِوُجُودِ مَا حَلَفَ عَلَى تَرْكِهِ اخْتِيَارًا وَهُوَ الْأَخْذُ (لَا إنْ أُكْرِهَ قَابِضٌ) عَلَى أَخْذِ حَقِّهِ لِأَنَّهُ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ فِعْلُ الْأَخْذِ لِأَنَّهُ مُكْرَهٌ. عَلَيْهِ بِلَا حَقٍّ (وَلَا إنْ وَضَعَهُ) حَالِفٌ (بَيْنَ يَدَيْهِ) أَيْ: الْغَرِيمِ (أَوْ) وَضَعَهُ فِي (حَجْرِهِ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَكَسْرِهَا وَلَمْ يَأْخُذْهُ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ الْمَحْلُوفُ عَلَى تَرْكِهِ وَهُوَ الْأَخْذُ (إلَّا أَنْ كَانَتْ يَمِينُهُ لَا أُعْطِيكَهُ) فَيَحْنَثُ بِوَضْعِهِ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ فِي حَجْرٍ وَلِأَنَّهُ أَعْطَى (لِبَرَاءَتِهِ) أَيْ: مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ (بِمِثْلِ هَذَا) الْفِعْلِ أَيْ الْوَضْعِ بَيْنَ يَدَيْهِ أَوْ فِي حِجْرِهِ (مِنْ ثَمَنٍ وَمُثَمَّنٍ وَأُجْرَةٍ وَزَكَاةٍ) وَنَحْوِهَا. (وَ) إنْ حَلَفَ عَلَى مَدِينِهِ (لَا فَارَقْتَنِي حَتَّى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي مِنْك فَفَارَقَ أَحَدُهُمَا الْآخَرِ) طَوْعًا (لَا كَرْهًا قَبْلَ اسْتِيفَاءِ) حَالِفٍ حَقَّهُ (حَنِثَ) لِأَنَّ الْمَعْنَى لَا حَصَلَ مِنَّا فُرْقَةً وَقَدْ حَصَلَتْ طَوْعًا. (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا افْتَرَقْنَا أَوْ لَا فَارَقْتُك حَتَّى أَسْتَوْفِيَ حَقِّي مِنْكَ فَهَرَبَ) مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ مِنْهُ حَنِثَ نَصًّا لِحُصُولِ الْفُرْقَةِ بِذَلِكَ (أَوْ فَلَّسَهُ حَاكِمٌ وَحَكَمَ عَلَيْهِ) أَيْ: الْحَالِفُ (بِفِرَاقِهِ) فَفَارَقَهُ حَنِثَ لِمَا تَقَدَّمَ (أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَمْ يَحْكُمْ عَلَيْهِ حَاكِمٌ بِفِرَاقِهِ (فَفَارَقَهُ لِعِلْمِهِ بِوُجُوبِ مُفَارَقَتِهِ) لِعُسْرَتِهِ (حَنِثَ) لِمَا سَبَقَ (وَكَذَا إنْ أَبْرَأَهُ) الْحَالِفُ مِنْ حَقِّهِ فَفَارَقَهُ (أَوْ أَذِنَ لَهُ أَنْ يُفَارِقَهُ) فَفَارَقَهُ (أَوْ فَارَقَهُ مِنْ غَيْرِ إذْنٍ) لَهُ فِي الْفُرْقَةِ فَيَحْنَثُ لِمَا تَقَدَّمَ و(لَا) يَحْنَثُ (إذَا أُكْرِهَ) عَلَى فِرَاقِهِ لِأَنَّ فِعْلَهُمَا لَا يُنْسَبُ إلَى وَاحِدٍ مِنْهُمَا (أَوْ قَضَاهُ بِحَقِّهِ عَرَضًا) قَبْلَ فُرْقَتِهِ لِحُصُولِ الِاسْتِيفَاءِ بِأَخْذِ الْعَرَضِ لِحُصُولِ بِجِنْسِ الْحَقِّ (وَفِعْلُ وَكِيلِهِ) أَيْ: الْحَالِفِ فِي كُلِّ مَا تَقَدَّمَ وَنَظَائِرِهِ (كَ) فِعْلِهِ (هُوَ) فَلَوْ حَلَفَ لَيَضْرِبَنَّ غُلَامَهُ وَأَمَرَ مَنْ ضَرَبَهُ بَرَّ أَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ ثَوْبَهُ فَوَكَّلَ مَنْ يَبِيعُهُ فَبَاعَهُ حَنِثَ لِصِحَّةِ إضَافَةِ الْفِعْلِ إلَى مَنْ فَعَلَ عَنْهُ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَحْلِقُوا رُءُوسَكُمْ} وَقَوْلِهِ: {مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ} وَإِنَّمَا الْحَالِقُ غَيْرُهُمْ وَكَذَا {يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا} وَنَحْوَهُ وَهَذَا فِيمَا تَدْخُلُهُ النِّيَابَةُ بِخِلَافِ مَنْ حَلَفَ لَيَطَأَنَّ أَوْ لَيَأْكُلَنَّ أَوْ لَيَشْرَبَنَّ وَنَحْوَهُ. (وَكَذَا لَوْ حَلَفَ لَا يَبِيعُ زَيْدًا فَبَاعَ مَنْ يَعْلَمُ أَنَّهُ يَشْتَرِيهِ لَهُ) فَيَحْنَثُ لِقِيَامِ وَكِيلِ زَيْدٍ مَقَامَهُ فَكَأَنَّهُ اشْتَرَاهُ بِنَفْسِهِ (وَلَوْ تَوَكَّلَ حَالِفٌ لَا يَبِيعُ وَنَحْوَهُ) كَلَا يَسْتَأْجِرُ (فِي بَيْعٍ) وَنَحْوِهِ وَبَاعَ وَنَحْوَهُ بِكَوْنِهِ وَكِيلًا (لَمْ يَحْنَثْ) لِإِضَافَةِ فِعْلِهِ إلَى مُوَكِّلِهِ دُونَهُ سَوَاءٌ (أَضَافَهُ لِمُوَكِّلِهِ) بِأَنْ قَالَ لِمُشْتَرٍ بِعْتُك هَذَا عَنْ مُوَكِّلِي فُلَانٍ وَنَحْوِهِ (أَوْ لَا) بِأَنْ لَمْ يَقُلْ ذَلِكَ لِأَنَّ الْعَقْدَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ مُضَافٌ لِمُوَكِّلِهِ دُونَهُ. قُلْت إلَّا أَنْ تَكُونَ نِيَّةُ أَوْ سَبَبُ الْيَمِينِ الِامْتِنَاعُ مِنْ فِعْلِ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ وَغَيْرِهِ فَيَحْنَثُ إذَنْ بِذَلِكَ. (وَ) إنْ حَلَفَ مَدِينٌ (لَا فَارَقْتُك حَتَّى أُوَفِّيَك حَقَّك فَأُبْرِئَ) مَدِينٌ (مِنْهُ) لَمْ يَحْنَثْ بِفِرَاقِهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ حَقٌّ يُوَفِّيهِ لَهُ (أَوْ أُكْرِهَ عَلَى فِرَاقِهِ) فَفَارَقَهُ (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّ فِعْلَ الْمُكْرَهِ لَا يُنْسَبُ إلَيْهِ (وَإِنْ كَانَ الْحَقُّ عَيْنًا) كَعَارِيَّةٍ أَوْ وَدِيعَةٍ (فَوُهِبَتْ لَهُ) أَيْ الْغَرِيمِ الْحَالِفِ (وَقَبِلَ) الْهِبَةَ (حَنِثَ) بِفِرَاقِهِ لِتَرْكِهِ الْوَفَاءَ بِاخْتِيَارِهِ و(لَا) يَحْنَثُ (إنْ أَقْبَضَهَا) حَالِفٌ لِرَبِّهَا (قَبْلَ) الْهِبَةِ ثُمَّ وَهَبَهُ إيَّاهَا ثُمَّ فَارَقَهُ لِحُصُولِ الْوَفَاءِ (وَإِنْ كَانَ حَلَفَ) مَنْ عَلَيْهِ أَوْ عِنْدَهُ الْحَقُّ (لَا أُفَارِقُك، وَلَك قِبَلِي حَقٌّ فَأُبْرِئَ) مِنْ الدَّيْنِ (أَوْ وَهَبَ لَهُ) الدَّيْنَ أَوْ الْعَيْنَ (لَمْ يَحْنَثْ مُطْلَقًا) سَوَاءٌ أَقْبَضَهُ الْعَيْنَ قَبْلَ الْهِبَةِ أَوْ لَا إذَا لَمْ يَبْقَ لَهُ حَالَ الْفُرْقَةِ قَبْلَهُ حَقٌّ (وَقَدْرُ الْفِرَاقِ مَا عُدَّ عُرْفًا) فِرَاقًا (كَ) فِرَاقٍ فِي خِيَارِ مَجْلِسٍ فِي (بَيْعٍ) لِأَنَّهُ لَمْ يُحَدَّ لَهُ حَدٌّ شَرْعًا فَرُجِعَ فِيهِ لِلْعُرْفِ كَالْحِرْزِ وَالْقَبْضِ. (وَ) إنْ حَلَفَ (لَا يَكْفُلُ مَا لَا يُكْفَلُ بَدْنًا وَشَرَطَ الْبَرَاءَةَ) مِنْ الْمَالِ إنْ عَجَزَ عَنْ إحْضَارِهِ (لَمْ يَحْنَثْ) لِأَنَّهُ لَمْ يَكْفُلْ مَالًا وَعُلِمَ مِنْهُ صِحَّةُ ذَلِكَ الشَّرْطِ فَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ الْبَرَاءَةَ حَنِثَ لِأَنَّهُ يَلْزَمُهُ إذَا عَجَزَ عَنْ إحْضَارِهِ.
(وَهُوَ) لُغَةً الْإِيجَابُ يُقَالُ نَذَرَ دَمَ فُلَانٍ أَيْ: أَوْجَبَ قَتْلَهُ. وَشَرْعًا (إلْزَامُ مُكَلَّفٍ مُخْتَارٍ وَلَوْ) كَانَ (كَافِرًا بِعِبَادَةٍ) نَصًّا لِحَدِيثِ عُمَرَ {: إنِّي كُنْتُ نَذَرْتُ فِي الْجَاهِلِيَّةِ أَنْ أَعْتَكِفَ لَيْلَةً فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْفِ بِنَذْرِكَ} وَلِأَنَّ نَذْرَ الْعِبَادَةِ لَيْسَ عِبَادَةً (نَفْسَهُ) مَفْعُولُ إلْزَامٍ (لِلَّهِ) مُتَعَلِّقٌ بِإِلْزَامُ (تَعَالَى) لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا {لَا نَذْرَ إلَّا فِيمَا اُبْتُغِيَ بِهِ وَجْهُ اللَّهِ} رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد (بِكُلِّ قَوْلٍ يَدُلُّ عَلَيْهِ) أَيْ: الْإِلْزَامِ فَلَا يَخْتَصُّ بِاَللَّهِ عَلَيَّ وَنَحْوِهِ وَلَا يَنْعَقِدُ بِغَيْرِ الْقَوْلِ كَالنِّكَاحِ وَالطَّلَاقِ (شَيْئًا) مَفْعُولٌ ثَانٍ لِإِلْزَامٍ (غَيْرَ لَازِمٍ بِأَصْلِ الشَّرْعِ) كَصَدَقَةٍ بِدِرْهَمٍ، وَعَلَى الْمَذْهَبِ يَنْعَقِدُ فِي الْوَاجِبِ أَيْضًا وَيَأْتِي (وَلَا مُحَالَ) بِخِلَافِ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَجْمَعَ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ فَلَا يَنْعَقِدُ. وَأَجْمَعُوا عَلَى صِحَّةِ النَّذْرِ وَلُزُومِ الْوَفَاءِ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {يُوفُونَ بِالنَّذْرِ} {وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ}. وَحَدِيثِ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا " مَنْ {نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ، وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَهُ فَلَا يَعْصِهِ} رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إلَّا مُسْلِمًا (فَلَا تَكْفِي نِيَّتُهُ) أَيْ: الْإِلْزَامِ كَالْيَمِينِ (وَهُوَ) أَيْ: النَّذْرُ (مَكْرُوهٌ) لِحَدِيثِ {النَّذْرُ لَا يَأْتِي بِخَيْرٍ وَإِنَّمَا يُسْتَخْرَجُ بِهِ مِنْ الْبَخِيلِ} وَقَالَ ابْنُ حَامِدٍ وَغَيْرُهُ (لَا يَرُدُّ قَضَاءً) وَلَا يَمْلِكُ بِهِ شَيْئًا مُحْدَثًا. وَقَالَ تَعَالَى: {وَرَبُّكَ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ وَيَخْتَارُ مَا كَانَ لَهُمْ الْخِيرَةُ} وَحَرَّمَهُ طَائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ. وَنَقَلَ عَبْدُ اللَّهِ نَهَى عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَظَاهِرُ مَا سَبَقَ يُصَلِّي النَّفَلَ كَمَا هُوَ لَا يَنْذِرُهُ، ثُمَّ يُصَلِّيهِ قَالَهُ فِي الْفُرُوعِ. (وَيَنْعَقِدُ) النَّذْرُ (فِي وَاجِبٍ كَلِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ رَمَضَانَ وَنَحْوُهُ) كَصَلَاةِ الظُّهْرِ، وَعَلَيْهِ فَكَانَ الْأَوْلَى إسْقَاطُ غَيْرِ لَازِمٍ بِأَصْلِ الشَّرْعِ مِنْ التَّعْرِيفِ (فَيُكَفِّرُ) نَاذِرٌ (إنْ لَمْ يَصُمْهُ) أَيْ: مَا نَذَرَهُ مِنْ الْوَاجِبِ (كَحَلِفِهِ عَلَيْهِ) بِأَنْ قَالَ: وَاَللَّهِ لَأَصُومَنَّ رَمَضَانَ ثُمَّ لَمْ يَصُمْهُ فَيُكَفِّرُ (وَعِنْدَ الْأَكْثَرِ لَا) يَنْعَقِدُ النَّذْرُ فِي وَاجِبٍ وَالتَّعْرِيفُ عَلَيْهِ (كَ) مَا لَا يَنْعَقِدُ بِقَوْلِهِ (لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ أَمْسِ وَنَحْوُهُ مِنْ الْمُحَالِ) لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ الْوَفَاءُ بِهِ وَلَا كَفَّارَةَ فِيهِ. وَحَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مَرْفُوعًا {كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ} رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِيمَا يُمْكِنُ الْوَفَاءُ بِهِ. (وَأَنْوَاعُ) نَذْرٍ (مُنْعَقِدٍ سِتَّةٌ. أَحَدُهَا) النَّذْرُ (الْمُطْلَقُ كَ) قَوْلِهِ (لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ أَوْ إنْ فَعَلْت كَذَا) فَلِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ (وَلَا نِيَّةَ) لَهُ بِشَيْءٍ (وَفَعَلَهُ) أَيْ: مَا عَلَّقَ عَلَيْهِ نَذْرَهُ (فَ) عَلَيْهِ (كَفَّارَةُ يَمِينٍ) لِحَدِيثِ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ مَرْفُوعًا {كَفَّارَةُ يَمِينٍ كَفَّارَةُ النَّذْرِ إنْ لَمْ يُسَمِّ} رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَالتِّرْمِذِيُّ. وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ غَرِيبٌ. النَّوْعُ (الثَّانِي نَذْرُ لَجَاجٍ وَغَضَبٍ وَهُوَ تَعْلِيقُهُ) أَيْ: النَّذْرِ (بِشَرْطٍ يَقْصِدُ الْمَنْعَ مِنْ) فِعْلِ (شَيْءٍ أَوْ) يَقْصِدُ (الْحَمْلَ عَلَيْهِ) فَالْأَوَّلُ (كَ) قَوْلِهِ (إنْ كَلَّمْتُك) فَعَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ الْعِتْقُ أَوْ الصَّوْمُ سَنَةً أَوْ مَالِي صَدَقَةٌ (أَوْ) أَيْ: وَالثَّانِي كَقَوْلِهِ (إنْ لَمْ أُخْبِرْك) بِكَذَا (فَعَلَيَّ الْحَجُّ أَوْ الْعِتْقُ أَوْ صَوْمُ سَنَةٍ أَوْ مَالِي صَدَقَةٌ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ فِعْلِ) ذَلِكَ (وَكَفَّارَةِ يَمِينٍ) لِحَدِيثِ عُمَرَ بْنِ حُصَيْنٍ " أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: {لَا نَذْرَ فِي غَضَبٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ} رَوَاهُ سَعِيدٌ، وَلِأَنَّهَا يَمِينٌ فَيُخَيَّرُ فِيهَا بَيْنَ الْأَمْرَيْنِ كَالْيَمِينِ بِاَللَّهِ تَعَالَى (وَلَا يَضُرُّ قَوْلُهُ) فِي نَذْرِ اللَّجَاجِ وَالْغَضَبِ (عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يُلْزِمُ بِذَلِكَ) الْمَنْذُورِ كَمَالِكٍ (أَوْ) قَوْلُهُ (لَا أُقَلِّدُ مَنْ يَرَى الْكَفَّارَةَ وَنَحْوَهُ) لِأَنَّهُ تَوْكِيدٌ وَالشَّرْعُ لَا يَتَغَيَّرُ بِهِ (وَمَنْ عَلَّقَ صَدَقَةَ شَيْءٍ بِبَيْعِهِ وَ) عَلَّقَهَا (آخَرُ بِشِرَائِهِ فَاشْتَرَاهُ كَفَّرَ كُلُّ وَاحِدٍ) مِنْهُمَا (كَفَّارَةَ يَمِينٍ) نَصًّا كَمَا لَوْ حَلَفَا عَلَيْهِ وَحَنِثَا. النَّوْعُ (الثَّالِثُ نَذْرُ) فِعْلٍ (مُبَاحٍ كَ) قَوْلِهِ (لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَلْبَسَ ثَوْبِي أَوْ) لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ (أَرْكَبَ دَابَّتِي فَيُخَيَّرُ أَيْضًا) بَيْنَ فِعْلِهِ وَكَفَّارَةِ يَمِينٍ، كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَيْهِ. وَرَوَى أَبُو دَاوُد " أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ. النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ: إنِّي نَذَرْتُ أَنْ أَضْرِبَ عَلَى رَأْسِكَ بِالدُّفِّ. فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {أَوْفِ بِنَذْرِكِ} النَّوْعُ (الرَّابِعُ نَذْرُ) فِعْلِ (مَكْرُوهٍ كَ) نَذْرِ (طَلَاقٍ وَنَحْوِهِ) كَأَكْلِ ثُومٍ وَبَصَلٍ (فَيُسَنُّ أَنْ يُكَفِّرَ وَلَا يَفْعَلُهُ) كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَيْهِ، وَأَمَّا مَنْعُ زَوْجَتِهِ إذَا اسْتَأْذَنَتْهُ إلَى الْمَسْجِدِ فَتَقَدَّمَ أَنَّهُ يُكْرَهُ. النَّوْعُ (الْخَامِسُ نَذْرُ) فِعْلِ (مَعْصِيَةٍ كَشُرْبِ خَمْرٍ وَصَوْمِ يَوْمِ عِيدٍ أَوْ) يَوْمِ (حَيْضٍ أَوْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ (فَيَحْرُمُ الْوَفَاءُ بِهِ) لِحَدِيثِ {وَمَنْ نَذَرَ أَنْ يَعْصِيَ اللَّهَ فَلَا يَعْصِهِ}، وَلِأَنَّ الْمَعْصِيَةَ لَا تُبَاحُ فِي حَالٍ مِنْ الْأَحْوَالِ (وَيُكَفِّرُ مَنْ لَمْ يَفْعَلْهُ) إنْ نَذَرَ الْمَعْصِيَةَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ. رَوَى نَحْوَهُ ابْنُ مَسْعُودٍ وَابْنُ عَبَّاسٍ وَعِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ وَسَمُرَةُ بْنُ جُنْدُبٍ كَمَا لَوْ حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّهُ وَلَمْ يَفْعَلْهُ (وَيَقْضِي) مَنْ نَذَرَ صَوْمًا مُحَرَّمًا (غَيْرَ) صَوْمِ (يَوْمِ حَيْضٍ) فَمَنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ عِيدٍ أَوْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ قَضَاهَا وَكَفَّرَ لِأَنَّ الْمَنْعَ لِمَعْنًى فِي غَيْرِهَا وَهُوَ كَوْنُهُ لَهُ ضِيَافَةَ اللَّهِ تَعَالَى كَنَذْرِ مَرِيضٍ صَوْمَ يَوْمٍ يُخَالَفُ عَلَيْهِ فَيَنْعَقِدُ نَذْرُهُ وَيَحْرُمُ صَوْمُهُ، وَكَذَا نَذْرُ صَلَاةٍ فِي ثَوْبٍ مُحَرَّمٍ بِخِلَافِ نَذْرِ صَوْمِ يَوْمِ حَيْضٍ فَلَا يَنْعَقِدُ لِأَنَّهُ مُنَافٍ لِلصَّوْمِ لِمَعْنًى فِيهِ كَنَذْرِ صَوْمِ لَيْلَةٍ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَحَلَّ صَوْمٍ. (وَمَنْ نَذَرَ ذَبْحَ مَعْصُومٍ حَتَّى نَفْسِهِ فَ) عَلَيْهِ (كَفَّارَةُ) يَمِينٍ فَقَطْ لِحَدِيثِ {لَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةٍ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ} رَوَاهُ سَعِيدٌ وَكَالْيَمِينِ لِحَدِيثِ {النَّذْرُ حَلْقَةٌ وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ} (وَتَتَعَدَّدُ) كَفَّارَةٌ عَلَى نَذْرِ ذَبْحِ وَلَدِهِ (بِتَعَدُّدِهِ) وَلِأَنَّهُ مُفْرَدٌ مُضَافٌ فَيَعُمُّ (مَا لَمْ يَنْوِ). بِنَذْرِهِ وَلَدًا (مُعَيَّنًا) بِذَبْحِهِ فَتُجْزِئُهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ وَهَكَذَا فِي الْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهِ مَعَ قَوْلِهِمْ بَعْدَهُ، وَلَوْ كَانَ الْمَتْرُوكُ خِصَالًا كَثِيرَةً أَجْزَأَتْهُ كَفَّارَةٌ وَاحِدَةٌ. النَّوْعُ (السَّادِسُ نَذْرُ تَقَرُّبٍ كَصَلَاةٍ وَصَوْمٍ وَاعْتِكَافٍ وَصَدَقَةٍ) مِمَّا لَا يَضُرُّهُ وَلَا عِيَالَهُ وَلَا غَرِيمَهُ (وَحَجٍّ وَعُمْرَةٍ) وَزِيَارَةِ أَخٍ فِي اللَّهِ تَعَالَى وَعِيَادَةِ مَرِيضٍ وَشُهُودِ جِنَازَةٍ (بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ مُطْلَقًا) أَيْ: غَيْرِ مُعَلَّقٍ (بِشَرْطٍ أَوْ عُلِّقَ بِشَرْطِ) وُجُودِ (نِعْمَةٍ) يَرْجُوهَا (أَوْ دَفْعِ نِقْمَةٍ) يَخَافُهَا (كَ) قَوْلِ (إنْ شَفَى اللَّهُ مَرِيضِي أَوْ سَلِمَ مَالِي) لَأَتَصَدَّقَنَّ بِكَذَا (أَوْ حَلَفَ بِقَصْدِ التَّقَرُّبِ كَ) قَوْلِهِ (وَاَللَّهِ لَئِنْ سَلِمَ مَالِي لَأَتَصَدَّقَنَّ بِكَذَا، فَوُجِدَ شَرْطُهُ لَزِمَهُ) الْوَفَاءُ بِنَذْرِهِ نَصًّا. وَكَذَا إنْ طَلَعَتْ الشَّمْسُ أَوْ قَدِمَ الْحَاجُّ فَلِلَّهِ عَلَيَّ كَذَا. ذَكَرَهُ فِي الْمُسْتَوْعِبِ لِعُمُومِ حَدِيثِ {مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ} رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَذَمَّ تَعَالَى الَّذِينَ يَنْذِرُونَ وَلَا يُوفُونَ. فَقَالَ {وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ أَتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ} إلَى قَوْلِهِ: {بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ}. وَمَنْ نَذَرَ طَاعَةً وَمَا لَيْسَ بِطَاعَةٍ لَزِمَهُ فِعْلُ الطَّاعَةِ فَقَطْ لِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ {بَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَخْطُبُ إذَا هُوَ بِرَجُلٍ قَائِمٍ فَسَأَلَ عَنْهُ فَقَالُوا أَبُو إسْرَائِيلَ نَذَرَ أَنْ يَقُومَ فِي الشَّمْسِ وَلَا يَسْتَظِلَّ وَلَا يَتَكَلَّمَ وَيَصُومَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مُرُوهُ فَلْيَجْلِسْ وَلْيَسْتَظِلَّ وَلْيَتَكَلَّمْ وَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ} رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ: وَيُكَفِّرُ لِلْمَتْرُوكِ كَفَّارَةً وَاحِدَةً وَلَوْ خِصَالًا كَثِيرَةً لِأَنَّهُ نَذْرٌ وَاحِدٌ. (وَيَجُوزُ إخْرَاجُهُ) أَيْ مَا نَذَرَهُ مِنْ الصَّدَقَةِ وَفِعْلُ مَا نَذَرَهُ مِنْ الطَّاعَةِ (قَبْلَهُ) أَيْ: قَبْلَ وُجُودِ مَا عَلَّقَ عَلَيْهِ لِوُجُودِ سَبَبِهِ وَهُوَ النَّذْرُ كَإِخْرَاجِ كَفَّارَةِ يَمِينٍ قَبْلَ الْحِنْثِ (وَلَوْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ مَنْ تُسَنُّ لَهُ) الصَّدَقَةُ (بِكُلِّ مَالِهِ أَوْ بِأَلْفٍ وَنَحْوِهِ) مِنْ الْأَعْدَادِ (وَهُوَ) أَيْ الْأَلْفُ وَنَحْوُهُ (كُلُّ مَالِهِ بِقَصْدِ الْقُرْبَةِ) مُتَعَلِّقٌ بِنَذْرٍ (أَجْزَأَهُ ثُلُثُهُ) يَوْمَ نَذَرَهُ يَتَصَدَّقُ بِهِ وَلَا كَفَّارَةَ نَصًّا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِأَبِي لُبَابَةَ بْنِ عَبْدِ الْمُنْذِرِ {يُجْزِئُ عَنْكَ الثُّلُثُ حِينَ قَالَ إنَّ مِنْ تَوْبَتِي أَنْ أَهْجُرَ دَارَ قَوْمِي وَأُسَاكِنُكَ وَأَنْ أَنْخَلِعَ مِنْ مَالِي صَدَقَةً لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلِرَسُولِهِ} رَوَاهُ أَحْمَدُ فَظَاهِرُ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " يُجْزِئُ عَنْكَ الثُّلُثُ " أَنَّ أَبَا لُبَابَةَ أَتَى بِمَا يَقْتَضِي إيجَابَ الصَّدَقَةِ عَلَى نَفْسِهِ إذْ الْإِجْزَاءُ غَالِبًا إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِي الْوَاجِبَاتِ وَلَوْ كَانَ مُخَيَّرًا بِإِرَادَةِ الصَّدَقَةِ لَمَّا لَزِمَهُ شَيْءٌ يُجْزِئُ عَنْهُ بَعْضُهُ. (وَ) لَوْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ مَنْ تُسَنُّ لَهُ بِقَصْدِ الْقُرْبَةِ (بِبَعْضٍ) مِنْ مَالِهِ (مُسَمًّى) كَنِصْفِهِ أَوْ أَلْفٍ وَهُوَ بَعْضُ مَالِهِ (لَزِمَهُ) مَا سَمَّاهُ لِأَنَّهُ الْتَزَمَ مَا لَا يُمْنَعُ مِنْهُ شَيْءٌ كَسَائِرِ النُّذُورِ (وَإِنْ نَوَى) بِنَذْرِهِ الصَّدَقَةَ بِمَالِهِ شَيْئًا (ثَمِينًا) مِنْ مَالِهِ (أَوْ) نَوَى (مَالًا دُونَ مَالٍ أُخِذَ بِنِيَّتِهِ) كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ تُسَنَّ لَهُ الصَّدَقَةُ بِأَنْ أَضَرَّ بِنَفْسِهِ أَوْ عِيَالِهِ وَغَرِيمِهِ وَنَحْوِهِ مِمَّا ذُكِرَ فِي صَدَقَةِ التَّطَوُّعِ أَوْ لَمْ يَقْصِدْ الْقُرْبَةَ بِأَنْ كَانَ لَهُ لَجَاجٌ أَجْزَأَتْهُ الْكَفَّارَةُ (وَإِنْ نَذَرَهَا بِمَالٍ وَنِيَّتُهُ أَلْفٌ يُخْرِجُ مَا شَاءَ) مِنْ مَالِهِ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْمَالِ يَقَعُ عَلَى الْقَلِيلِ وَمَا نَوَاهُ زِيَادَةٌ عَمَّا تَنَاوَلَهُ الِاسْمُ وَالنَّذْرُ لَا يَلْزَمُ بِالنِّيَّةِ (فَيَصْرِفُهُ لِلْمَسَاكِينِ) وَيُجْزِئُ لِوَاحِدٍ (كَ) نَذْرِ (صَدَقَةٍ مُطْلَقَةٍ) فَإِنْ عُيِّنَتْ لِزَيْدٍ مَثَلًا لَزِمَ دَفْعُهَا إلَيْهِ (وَلَا يُجْزِيهِ) أَيْ مَنْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِمَالِهِ أَوْ بَعْضِهِ أَوْ بِمَالٍ (إسْقَاطُ دَيْنٍ) عَنْ مَدِينِهِ وَلَوْ فَقِيرًا. قَالَ أَحْمَدُ لَا يُجْزِئُهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ أَيْ: لِأَنَّ الصَّدَقَةَ تَمْلِيكٌ، وَهَذَا إسْقَاطٌ كَالزَّكَاةِ. (وَمَنْ حَلَفَ) لَا رَدَدْت سَائِلًا (أَوْ نَذَرَ لَا رَدَدْت سَائِلًا فَ) هُوَ (كَمَنْ حَلَفَ) عَلَى الصَّدَقَةِ بِمَالِهِ (أَوْ نَذَرَ الصَّدَقَةَ بِمَالِهِ) لِأَنَّهُ فِي مَعْنَاهُ فَيُجْزِيهِ الصَّدَقَةُ بِثُلُثِهِ (فَإِنْ لَمْ يَتَحَصَّلْ لَهُ) أَيْ: الْحَالِفِ أَوْ النَّاذِرِ مِنْ نَحْوِ كَسْبِهِ (إلَّا مَا يَحْتَاجُهُ) لِنَفَقَتِهِ وَنَفَقَةِ عِيَالٍ (فَ) عَلَيْهِ (كَفَّارَةُ يَمِينٍ) لِتَرْكِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ أَوْ نَذَرَهُ (وَإِلَّا) بِأَنْ تَحْصُلَ لَهُ فَوْقَ مَا يَحْتَاجُهُ (تَصَدَّقَ بِثُلُثِ الزَّائِدِ) عَنْ حَاجَتِهِ (وَحَبَّةِ بُرٍّ وَنَحْوِهَا) كَأَرُزَّةٍ وَشَعِيرَةٍ (لَيْسَتْ سُؤَالَ السَّائِلِ) اعْتِبَارٌ بِالْمَقَاصِدِ. قُلْت وَحَدِيثِ {اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ} يَدُلُّ عَلَى إجْزَاءِ نِصْفِ التَّمْرَةِ وَنَحْوِهَا فَأَكْثَرَ لَا أَقَلَّ. (وَ) مَنْ قَالَ (إنْ مَلَكْت مَالَ فُلَانٍ فَعَلَيَّ الصَّدَقَةُ بِهِ فَمَا مَلَكَهُ فَ) هُوَ (كَمَالِهِ) أَيْ: النَّاذِرِ فَيُجْزِئُهُ ثُلُثُهُ. (وَمَنْ حَلَفَ فَقَالَ عَلَيَّ عِتْقُ رَقَبَةٍ) لَا فَعَلْت كَذَا (فَحَنِثَ فَ) عَلَيْهِ (كَفَّارَةُ يَمِينٍ) كَالْحَلِفِ عَلَيْهِ بِاَللَّهِ.
وَمَنْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ مُعَيَّنَةٍ لَمْ يَدْخُلْ فِي نَذْرِهِ شَهْرُ (رَمَضَانَ وَيَوْمَا الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ) لِأَنَّ رَمَضَانَ لَا يَقْبَلُ صَوْمَ غَيْرِهِ وَأَيَّامُ النَّهْيِ لَا تَقْبَلُ صَوْمَ النَّذْرِ كَاللَّيْلِ فَلَا كَفَّارَةَ بِفِطْرِهَا وَلَا قَضَاءَ لِأَنَّهَا لَمْ تَدْخُلْ فِي نَذْرِهِ (وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ مُعَيَّنٍ) كَالْمُحَرَّمِ (فَلَمْ يَصُمْهُ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ فَ) عَلَيْهِ (الْقَضَاءُ) لِوُجُوبِهِ بِالنَّذْرِ كَرَمَضَانَ (مُتَتَابِعًا) لِأَنَّهُ أَوْجَبَهُ عَلَى نَفْسِهِ كَذَلِكَ بِتَعْبِيرِهِ بِالشَّهْرِ إذْ الْقَضَاءُ يَكُونُ بِصِفَةِ الْأَدَاءِ فِيمَا يُمْكِنُ. (وَ) عَلَيْهِ (كَفَّارَةُ يَمِينٍ) لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ (وَإِنْ صَامَ قَبْلَهُ) أَيْ: الشَّهْرِ الْمُعَيَّنِ (لَمْ يُجْزِئْهُ) كَصَوْمِ شَعْبَانَ عَنْ رَمَضَانَ الَّذِي بَعْدَهُ (وَإِنْ أَفْطَرَ مِنْهُ) يَوْمًا فَأَكْثَرَ (لِغَيْرِ عُذْرٍ اسْتَأْنَفَ شَهْرًا مِنْ يَوْمِ فِطْرِهِ) لِوُجُوبِ التَّتَابُعِ وَلَوْ بَنَى عَلَى مَا مَضَى لَبَطَلَ التَّتَابُعُ (وَكَفَّرَ) لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ فِيمَا يَصُومُهُ بَعْدَ الشَّهْرِ. (وَ) إنْ أَفْطَرَ مِنْهُ يَوْمًا فَأَكْثَرَ (لِعُذْرٍ) كَمَرَضٍ وَسَفَرٍ وَحَيْضٍ (بَنَى) عَلَى مَا صَامَهُ (وَقَضَى مَا أَفْطَرَهُ مُتَتَابِعًا مُتَّصِلًا بِتَمَامِهِ وَكَفَّرَ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَإِنْ جُنَّهْ) أَيْ: الشَّهْرُ الَّذِي نَذَرَ صَوْمَهُ (كُلَّهُ لَمْ يَقْضِهِ) وَلَا كَفَّارَةَ لِعَدَمِ تَكْلِيفِهِ فِيهِ كَرَمَضَانَ (وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ وَأَطْلَقَ) فَلَمْ يُعَيِّنْهُ (لَزِمَهُ التَّتَابُعُ) لِأَنَّ إطْلَاقَ الشَّهْرِ يَقْتَضِيهِ سَوَاءٌ صَامَ شَهْرًا هِلَالِيًّا أَوْ ثَلَاثِينَ يَوْمًا بِالْعَدَدِ. (وَإِنْ قَطَعَهُ) أَيْ: الصَّوْمَ (بِلَا عُذْرٍ اسْتَأْنَفَهُ) لِئَلَّا يَفُوتَ التَّتَابُعُ (وَ) إنْ قَطَعَهُ لِعُذْرٍ يُخَيَّرُ (بَيْنَهُ) أَيْ: الِاسْتِئْنَافِ (بِلَا كَفَّارَةٍ) لِفِعْلِهِ الْمَنْذُورَ عَلَى وَجْهِهِ (وَبَيْنَ الْبِنَاءِ) عَلَى مَا مَضَى (وَيُتِمُّ ثَلَاثِينَ) يَوْمًا (وَيُكَفِّرُ) كَمَا لَوْ حَلَفَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ. بِالْمَنْذُورِ عَلَى وَجْهِهِ (وَكَذَا) لَوْ نَذَرَ صَوْمَ (سَنَةٍ فِي) لُزُومِ (تَتَابُعٍ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَيَصُومُ) مَنْ نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ (اثْنَيْ عَشَرَ شَهْرًا سِوَى رَمَضَانَ وَ) سِوَى (أَيَّامِ النَّهْيِ) أَيْ: يَوْمَيْ الْعِيدَيْنِ وَأَيَّامِ التَّشْرِيقِ لِانْصِرَافِ نَذْرِهِ إلَى صَوْمِ سَنَةٍ كَامِلَةٍ بِالنَّذْرِ (وَلَوْ شَرَطَ التَّتَابُعَ فَيَقْضِي) عِوَضَ رَمَضَانَ وَأَيَّامِ النَّهْيِ. (وَ) إنْ نَذَرَ صَوْمَ (سَنَةٍ مِنْ الْآنَ أَوْ) نَذَرَ صَوْمَ سَنَةٍ (مِنْ وَقْتِ كَذَا فَ) كَنَذْرِ صَوْمِ سَنَةٍ (مُعَيَّنَةٍ) فَلَا يَدْخُلُ فِي نَذْرِهِ رَمَضَانُ وَأَيَّامُ النَّهْيِ فَلَا يَقْضِيهَا وَلَا كَفَّارَةَ لِأَنَّ تَعْيِينَ أَوَّلِهَا تَعْيِينٌ لَهَا قَالَ تَعَالَى {إنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا} فَإِذَا عَيَّنَ أَوَّلَهَا تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ آخِرُهَا انْتِهَاءَ الثَّانِي عَشَرَ. (وَمَنْ نَذَرَ صَوْمَ الدَّهْرِ لَزِمَهُ) كَسَائِرِ النُّذُورِ إذْ جِنْسُ الصَّوْمِ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَشْرُوعٌ (فَإِنْ أَفْطَرَ كَفَّرَ فَقَطْ) أَيْ: بِلَا قَضَاءٍ (بِغَيْرِ صَوْمٍ) لِأَنَّ الزَّمَنَ مُسْتَغْرِقٌ لِلصَّوْمِ الْمَنْذُورِ وَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُكَفِّرُ بِصَوْمٍ لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ التَّكْفِيرُ بِهِ إلَّا بِتَرْكِ الصَّوْمِ الْمَنْذُورِ فَتَرْكُهُ يُوجِبُ كَفَّارَةً فَيُفْضِي ذَلِكَ إلَى التَّسَلْسُلِ وَتَرْكِ الْمَنْذُورِ بِالْكُلِّيَّةِ وَهَذَا أَحَدُ الْوَجْهَيْنِ ذَكَرَهُمَا الشَّارِحُ (وَلَا يَدْخُلُ) فِي نَذْرِ صَوْمِ الدَّهْرِ (رَمَضَانُ وَ) لَا (يَوْمُ نَهْيٍ) لِمَا تَقَدَّمَ (وَيَقْضِي فِطْرَهُ بِهِ) أَيْ: بِرَمَضَانَ لِعُذْرٍ أَوْ غَيْرِهِ لِوُجُوبِهِ بِأَصْلِ الشَّرْعِ فَيُقَدَّمُ عَلَى النَّذْرِ كَتَقْدِيمِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ عَلَى الْمَنْذُورَةِ وَيُكَفِّرُ بِفِطْرِهِ بِرَمَضَانَ لِغَيْرِ عُذْرٍ لِأَنَّهُ سَبَبُهُ (وَيُصَامُ لِظِهَارٍ) إذَا عَدِمَ الْمُظَاهِرُ الرَّقَبَةَ (وَنَحْوِهِ) كَالْوَطْءِ فِي نَهَارِ رَمَضَانَ وَالْقَتْلِ (مِنْهُ) أَيْ: مِنْ الدَّهْرِ الْمَنْذُورِ صَوْمُهُ كَقَضَاءِ رَمَضَانَ (وَيُكَفِّرُ مَعَ صَوْمِ ظِهَارٍ وَنَحْوِهِ) لِأَنَّهُ سَبَبُهُ. (وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمِ الْخَمِيسِ وَنَحْوِهِ) كَيَوْمِ الِاثْنَيْنِ (فَوَافَقَ) يَوْمُ نَذْرِهِ (عِيدًا أَوْ حَيْضًا أَوْ نِفَاسًا) أَوْ أَيَّامَ تَشْرِيقٍ أَفْطَرَ وُجُوبًا لِتَحْرِيمِ صَوْمِهَا (وَقَضَى) نَذْرَهُ لِانْعِقَادِ نَذْرِهِ وَلَمْ يَفْعَلْهُ (وَكَفَّرَ) لِفَوَاتِ الْمَحَلِّ كَمَا لَوْ لَمْ يَصُمْهُ لِمَرَضٍ. (وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمَ يَقْدَمُ فُلَانٌ فَقَدِمَ) فُلَانٌ (لَيْلًا فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) أَيْ: النَّاذِرِ لِتَبَيُّنِ أَنَّ نَذْرَهُ لَمْ يَنْعَقِدْ. (وَ) إنْ قَدِمَ (نَهَارًا وَهُوَ) أَيْ: النَّاذِرُ (صَائِمٌ وَقَدْ بَيَّتَ النِّيَّةَ لِخَبَرٍ سَمِعَهُ صَحَّ) صَوْمُهُ (وَأَجْزَأَهُ) لِوَفَائِهِ بِنَذْرِهِ (وَإِلَّا) يَكُنْ بَيَّتَ النِّيَّةَ لِخَبَرٍ سَمِعَهُ (أَوْ كَانَ مُفْطِرًا أَوْ وَافَقَ قُدُومَهُ يَوْمًا مِنْ رَمَضَانَ أَوْ) وَافَقَ قُدُومَهُ (يَوْمَ عِيدٍ أَوْ) وَافَقَ قُدُومَهُ يَوْمَ (حَيْضِ) نَاذِرَةٍ (قَضَى وَكَفَّرَ) لِأَنَّهُ نَذْرٌ مُنْعَقِدٌ لَمْ يَفِ بِهِ كَسَائِرِ النُّذُورِ (وَإِنْ وَافَقَ قُدُومَهُ) أَيْ: فُلَانٍ (وَهُوَ) أَيْ: النَّاذِرُ (صَائِمٌ عَنْ نَذْرٍ مُعَيَّنٍ أَتَمَّهُ) أَيْ: لِوُجُوبِهِ (وَلَا يُسْتَحَبُّ قَضَاؤُهُ وَيَقْضِي نَذْرَ الْقُدُومِ كَصَائِمٍ فِي قَضَاءِ رَمَضَانَ أَوْ) فِي (كَفَّارَةٍ أَوْ نَذْرٍ مُطْلَقٍ) فَيُتِمُّهُ وَيَقْضِي نَذْرَ الْقُدُومِ (وَإِنْ وَافَقَ يَوْمَ نَذْرِهِ) أَيْ: يَوْمَ قُدُومِ فُلَانٍ (وَهُوَ) أَيْ: النَّاذِرُ (مَجْنُونٌ فَلَا قَضَاءَ) عَلَيْهِ (وَلَا كَفَّارَةَ) لِخُرُوجِهِ عَنْ أَهْلِيَّةِ التَّكْلِيفِ فِيهِ كَمَنْ نَذَرَ صَوْمَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ وَجُنَّهُ (وَنَذَرَ اعْتِكَافَهُ) فِيمَا تَقَدَّمَ (كَ) نَذْرِ (صَوْمِهِ) عَلَى مَا تَقَدَّمَ تَفْصِيلُهُ. (وَإِنْ نَذَرَ صَوْمَ أَيَّامٍ مَعْدُودَةٍ وَلَوْ) كَانَتْ (ثَلَاثِينَ لَمْ يَلْزَمْهُ تَتَابُعُ) صَوْمِهَا نَصًّا لِأَنَّ الْأَيَّامَ لَا دَلَالَةَ لَهَا عَلَى التَّتَابُعِ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى: {فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} (إلَّا بِشَرْطٍ) بِأَنْ يَقُولَ مُتَتَابِعَةٌ فَيَلْزَمُهُ وَفَاءٌ بِنَذْرِهِ (أَوْ) إلَّا (بِنِيَّةِ) التَّتَابُعِ لِقِيَامِهَا مَقَامَ التَّلَفُّظِ بِهِ وَإِنْ شَرَطَ تَفْرِيقَهَا لَزِمَهُ فِي الْأَقْيَسِ ذَكَرَهُ فِي الْمُبْدِعِ. (وَمَنْ نَذَرَ صَوْمًا مُتَتَابِعًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ) كَشَهْرٍ (فَأَفْطَرَ) فِيهِ (لِمَرَضٍ يَجِبُ مَعَهُ الْفِطْرُ) كَخَوْفِهِ بِصَوْمِهِ تَلَفًا (أَوْ) أَفْطَرَتْ فِيهِ امْرَأَةٌ (لِحَيْضٍ خُيِّرَ) نَاذِرٌ (اسْتِئْنَافَهُ) أَيْ: الصَّوْمِ بِأَنْ يَبْتَدِئَهُ مِنْ أَوَّلِهِ (وَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ) لِإِتْيَانِهِ بِالْمَنْذُورِ عَلَى وَجْهِهِ (وَبَيْنَ الْبِنَاءِ) عَلَى مَا مَضَى مِنْ صَوْمِهِ (وَيُكَفِّرُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَأْتِ بِالْمَنْذُورِ عَلَى وَجْهِهِ (وَإِنْ) أَفْطَرَ فِيهِ (لِشَهْرٍ أَوْ مَا) أَيْ: شَيْءٍ (يُبِيحُ الْفِطْرَ مَعَ الْقُدْرَةِ عَلَى الصَّوْمِ) كَمَرَضٍ يَجُوزُ مَعَهُ الْفِطْرُ (لَمْ يَنْقَطِعْ التَّتَابُعُ) صَحَّحَهُ فِي الْإِنْصَافِ وَقَالَ ابْنُ الْمُنَجَّا يَجِيءُ عَلَى قَوْلِ الْخِرَقِيِّ يُخَيَّرُ بَيْنَ الِاسْتِئْنَافِ وَبَيْنَ الْبِنَاءِ وَالْقَضَاءِ وَالْكَفَّارَةِ كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ فِي الْإِنْصَافِ وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْخِرَقِيِّ وَالْأَصْحَابِ لِعَدَمِ تَفْرِيقِهِمْ فِي ذَلِكَ قَالَ فِي شَرْحِهِ وَهَذَا الْأَخِيرُ لَا يَعْدِلُ عَنْهُ فَإِنَّهُ لَا وَجْهَ لِكَوْنِ الْمَرَضِ الَّذِي يَجِبُ مَعَهُ الْفِطْرُ يَقْطَعُ التَّتَابُعَ وَالْفِطْرُ فِي السَّفَرِ لَا يَقْطَعُهُ. (وَ) إنْ أَفْطَرَ مَنْ نَذَرَ صَوْمًا مُتَتَابِعًا غَيْرَ مُعَيَّنٍ (لِغَيْرِ عُذْرٍ يَلْزَمُهُ أَنْ يَسْتَأْنِفَ) تَدَارُكًا لِمَا تَرَكَهُ مِنْ التَّتَابُعِ الْمَنْذُورِ بِلَا عُذْرٍ (بِلَا كَفَّارَةٍ) لِإِتْيَانِهِ بِالْمَنْذُورِ عَلَى وَجْهِهِ (وَمَنْ نَذَرَ صَوْمًا فَعَجَزَ عَنْهُ لِكِبَرٍ أَوْ مَرَضٍ لَا يُرْجَى بُرْؤُهُ) أَطْعَمَ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَكَفَّرَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ حَمْلًا لِلْمَنْذُورِ عَلَى الْمَشْرُوعِ وَسَبَبُ الْكَفَّارَةِ عَدَمُ الْوَفَاءِ بِالنَّذْرِ وَسَبَبُ الْإِطْعَامِ الْعَجْزُ عَنْ وَاجِبٍ بِالصَّوْمِ فَاخْتَلَفَ السَّبَبَانِ وَاجْتَمَعَا فَلَمْ يَسْقُطْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لِعَدَمِ مَا يُسْقِطُهُ (أَوْ نَذَرَهُ) أَيْ: الصَّوْمَ (حَالَ عَجْزِهِ) عَنْهُ لِمَا سَبَقَ (أَطْعَمَ لِكُلِّ يَوْمٍ مِسْكِينًا وَكَفَّرَ كَفَّارَةَ يَمِينٍ) وَعُلِمَ مِنْهُ انْعِقَادُ نَذْرِهِ إذَنْ لِحَدِيثِ {. مَنْ نَذَرَ نَذْرًا لَمْ يُطِقْهُ فَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ} وَلِأَنَّ الْعَجْزَ إنَّمَا هُوَ عَنْ فِعْلِ الْمَنْذُورِ فَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِهِ حَالَ عَقْدِ النَّذْرِ وَيَسْتَمِرُّ أَوْ يَطْرَأُ عَلَيْهِ. (وَإِنْ نَذَرَ صَلَاةً وَنَحْوَهَا) كَجِهَادٍ (وَعَجَزَ) عَنْهُ (فَعَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ فَقَطْ) لِأَنَّهُ لَمْ يَفِ بِنَذْرِهِ إنْ عَجَزَ لِعَارِضٍ يُرْجَى زَوَالُهُ كَمَرَضٍ انْتَظَرَ وَلَا كَفَّارَةَ إنْ لَمْ يُعَيِّنْ وَقْتًا فَإِنْ اسْتَمَرَّ عَجْزُهُ حَتَّى صَارَ غَيْرَ مَرْجُوِّ الزَّوَالِ فَكَمَا تَقَدَّمَ. (وَ) إنْ نَذَرَ (حَجًّا لَزِمَهُ) مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَيْهِ كَبَقِيَّةِ الْعِبَادَاتِ (فَإِنْ لَمْ يُطِقْهُ وَلَا شَيْئًا مِنْهُ حُجَّ عَنْهُ) كَمَنْ عَجَزَ عَنْ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ (وَإِلَّا) بِأَنْ أَطْلَقَ بَعْضَ مَا نَذَرَهُ كَأَنْ نَذَرَ حَجَّاتٍ وَقَدَرَ عَلَى بَعْضِهَا (أَتَى بِمَا يُطِيقُهُ وَكَفَّرَ لِلْبَاقِي) الَّذِي لَمْ يُطِقْهُ (وَمَعَ عَجْزِهِ عَنْ زَادٍ وَرَاحِلَةٍ حَالَ نَذْرِهِ لَا يَلْزَمُهُ) شَيْءٌ كَحَجَّةِ الْإِسْلَامِ (ثُمَّ إنْ وَجَدَهُمَا) أَيْ الزَّادَ وَالرَّاحِلَةَ (لَزِمَهُ) بِالنَّذْرِ السَّابِقِ فَيَنْعَقِدُ النَّذْرُ مَعَ الْعَجْزِ كَمَا تَقَدَّمَ. (وَإِنْ نَذَرَ) مُكَلَّفٌ (صَوْمًا) وَأَطْلَقَ (أَوْ) نَذَرَ (صَوْمَ بَعْضِ يَوْمٍ) كَنِصْفِهِ (لَزِمَهُ) صَوْمُ (يَوْمٍ) تَامٍّ (بِنِيَّةٍ مِنْ اللَّيْلِ) لِأَنَّهُ أَقَلُّ الصَّوْمِ (وَنَذَرَ صَوْمَ لَيْلَةٍ لَا يَنْعَقِدُ وَلَا كَفَّارَةَ) لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَحَلًّا لِلصَّوْمِ كَنَذْرٍ مُسْتَحِيلٍ (وَكَذَا نَذْرُ صَوْمِ يَوْمٍ أَتَى فِيهِ بِمُنَافٍ) لِلصَّوْمِ نَحْوِ أَكْلٍ وَشُرْبٍ أَوْ جِمَاعٍ. (وَإِنْ نَذَرَ صَلَاةً) وَأَطْلَقَ (ف) عَلَيْهِ (رَكْعَتَانِ قَائِمًا لِقَادِرٍ) عَلَى قِيَامٍ (لِأَنَّ الرَّكْعَةَ لَا تُجْزِئ فِي فَرْضٍ) وَلَوْ حَلَفَ لَيُوتِرَنَّ اللَّيْلَةَ أَجْزَأَتْهُ رَكْعَةٌ فِي وَقْتِهِ لِأَنَّهَا أَقَلُّهُ. (وَ) إنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّي (أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَتَيْنِ أَوْ أَطْلَقَ) فَلَمْ يَقُلْ بِتَسْلِيمَةٍ وَلَا تَسْلِيمَتَيْنِ (يُجْزِئُ) أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا (بِتَسْلِيمَةٍ كَعَكْسِهِ) بِأَنْ نَذَرَ أَنْ يُصَلِّيَ أَرْبَعًا بِتَسْلِيمَةٍ فَصَلَّاهَا بِتَسْلِيمَتَيْنِ (وَلِمَنْ نَذَرَ صَلَاةً جَالِسًا أَنْ يُصَلِّيَهَا قَائِمًا) لِإِتْيَانِهِ بِأَفْضَلَ مِمَّا نَذَرَهُ وَظَاهِرِهِ وَلَا كَفَّارَةَ. (وَإِنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ أَوْ) إلَى (مَوْضِعٍ مِنْ مَكَّةَ) كَالصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَجَبَلِ أَبِي قُبَيْسٍ (أَوْ) إلَى (حَرَمِهَا وَأَطْلَقَ) فَلَمْ يَقُلْ فِي حَجٍّ وَلَا عُمْرَةٍ وَلَا غَيْرِهِ (أَوْ قَالَ غَيْرَ حَاجٍّ وَلَا مُعْتَمِرٍ لَزِمَهُ الْمَشْيُ فِي حَجٍّ أَوْ) فِي (عُمْرَةٍ) حَمْلًا لَهُ عَلَى الْمَعْهُودِ الشَّرْعِيِّ وَإِلْغَاءً لِإِرَادَتِهِ غَيْرَهُ (مِنْ مَكَانِهِ) أَيْ: النَّذْرِ أَيْ: دُوَيْرَةٍ أَهْلِهِ كَمَا فِي حَجِّ الْفَرْضِ إلَى أَنْ يَتَحَلَّلَ و(لَا) يَلْزَمُهُ (إحْرَامٌ قَبْلَ مِيقَاتِهِ) كَحَجِّ الْفَرْضِ (مَا لَمْ يَنْوِ مَكَانَا بِعَيْنِهِ) لِلْمَشْيِ مِنْهُ أَوْ الْإِحْرَامِ فَيَلْزَمُهُ لِعُمُومِ حَدِيثِ {مَنْ نَذَرَ أَنْ يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ}. قُلْت مُقْتَضَى مَا سَبَقَ مِنْ أَنَّهُ يُكْرَهُ إحْرَامٌ بِحَجٍّ قَبْلَ مِيقَاتِهِ أَنَّهُ لَوْ نَذَرَهُ لَا يَفِي بِهِ وَيُكَفِّرُ إلَّا أَنْ يُقَالَ أَصْلُ الْإِحْرَامِ مَشْرُوعٌ وَإِنَّمَا الْمَكْرُوهُ تَقْدِيمُهُ (أَوْ) يَنْوِي بِنَذْرِهِ الْمَشْيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ (إتْيَانُهُ لَا حَقِيقَةَ الْمَشْيِ) فَيَلْزَمُهُ الْإِتْيَانُ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ الْمَشْيِ وَالرُّكُوبِ لِحُصُولِهِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا وَإِنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَوْضِعٍ خَارِجَ الْحَرَمِ كَعَرَفَةَ وَمَوَاقِيتِ إحْرَامٍ لَمْ يَلْزَمْهُ وَيُخَيَّرُ بَيْنَ فِعْلِهِ وَالْكَفَّارَةِ (وَإِنْ رَكِبَ) مَنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ (لِعَجْزٍ أَوْ غَيْرِهِ) فَكَفَّارَةُ يَمِينٍ (أَوْ نَذَرَ الرُّكُوبَ) لِبَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ (فَمَشَى) إلَيْهِ. (فَ) عَلَيْهِ (كَفَّارَةُ يَمِينٍ) لِحَدِيثِ {كَفَّارَةُ النَّذْرِ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ} وَالْمَشْيُ أَوْ الرُّكُوبُ لَا يُوجِبُهُ الْإِحْرَامُ لِيَجِبَ بِهِ دَمٌ (وَإِنْ نَذَرَ الْمَشْيَ إلَى مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ) الْمُنَوَّرَةِ (أَوْ) إلَى الْمَسْجِدِ (الْأَقْصَى لَزِمَهُ ذَلِكَ) أَيْ: الْمَشْيُ إلَيْهِ. (وَ) لَزِمَتْهُ (الصَّلَاةُ فِيهِ) رَكْعَتَيْنِ إذْ الْقَصْدُ بِالنَّذْرِ الْقُرْبَةُ وَالطَّاعَةُ وَإِنَّمَا يَحْصُلُ ذَلِكَ بِالصَّلَاةِ. فَتَضَمَّنَ ذَلِكَ نَذْرُهُمْ كَنَذْرِ الْمَشْيِ إلَى بَيْتِ اللَّهِ الْحَرَامِ حَيْثُ وَجَبَ بِهِ أَحَدُ النُّسُكَيْنِ وَإِنْ نَذَرَ الصَّلَاةَ فِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لَمْ يُجْزِئْهُ فِي غَيْرِهِ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ الْمَسَاجِدِ وَإِنْ نَذَرَهَا فِي مَسْجِدِ الْمَدِينَةِ أَجْزَأَتْهُ فِيهِ وَفِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ لِأَنَّهُ أَفْضَلُ مِنْهُ وَإِنْ نَذَرَهَا فِي الْأَقْصَى أَجْزَأَتْهُ فِيهِ وَفِي الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ وَتَقَدَّمَ مَا يُعْلَمُ مِنْهُ دَلِيلُ ذَلِكَ (وَإِنْ عَيَّنَ) بِنَذْرِهِ أَنْ يَأْتِيَ (مَسْجِدًا فِي غَيْرِ حَرَمٍ) أَيْ غَيْرِ الْمَسَاجِدِ الثَّلَاثَةِ لَمْ يَتَعَيَّنْ فَيُخَيَّرُ بَيْنَ فِعْلِهِ وَالتَّكْفِيرِ لِحَدِيثِ {لَا تُشَدُّ الرِّحَالُ إلَّا إلَى ثَلَاثَةِ مَسَاجِدَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَسْجِدِي هَذَا وَالْمَسْجِدِ الْأَقْصَى} فَإِنْ جَاءَهُ (لَزِمَهُ عِنْدَ وُصُولِهِ رَكْعَتَانِ) لِمَا سَبَقَ. (وَإِنْ نَذَرَ) عِتْقَ (رَقَبَةٍ فَ) عَلَيْهِ عِتْقُ (مَا يُجْزِي عَنْ وَاجِبٍ) فِي نَحْوِ ظِهَارٍ وَتَقَدَّمَ حَمْلًا لِلنَّذْرِ عَلَى الْمَعْهُودِ شَرْعًا (إلَّا أَنْ يُعَيِّنَهَا) أَيْ: الرَّقَبَةَ كَهَذَا الْعَبْدِ أَوْ هَذِهِ الْأَمَةِ أَوْ سَالِمٍ أَوْ يَنْوِيهِ (وَيُجْزِئُهُ مَا عَيَّنَهُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَلْتَزِمْ سِوَاهُ (لَكِنْ لَوْ مَاتَ الْمَنْذُورُ) الْمُعَيَّنُ (أَوْ أَتْلَفَهُ نَاذِرٌ قَبْلَ عِتْقِهِ لَزِمَهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ بِلَا عِتْقٍ) نَصًّا لِفَوَاتِ مَحَلِّهِ (وَعَلَى مُتْلِفِ) الْمَنْذُورِ عِتْقُهُ قَبْلَهُ (غَيْرِهِ) أَيْ: النَّاذِرِ (قِيمَتُهُ لَهُ) أَيْ: النَّاذِرِ لِبَقَاءِ مِلْكِهِ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُهُ صَرْفُهَا فِي الْعِتْقِ. (وَ) مَنْ قَالَ (إنْ مَلَكْت عَبْدَ زَيْدٍ فَلِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أُعْتِقَهُ بِقَصْدِ الْقُرْبَةِ) بِذَلِكَ (أُلْزِمَ بِعِتْقِهِ إذَا مَلَكَهُ) لِأَنَّهُ نَذْرٌ تَبَرَّرَ وَإِنْ كَانَ فِي لَجَاجٍ وَغَضَبٍ خُيِّرَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ كَفَّارَةِ يَمِينٍ. (وَمَنْ نَذَرَ طَوَافًا أَوْ سَعْيًا فَأَقَلُّهُ) أَيْ: الْمُجْزِئِ (أُسْبُوعٌ) حَمْلًا عَلَى الْمَعْهُودِ شَرْعًا. (وَ) مَنْ نَذَرَ طَوَافًا أَوْ سَعْيًا (عَلَى أَرْبَعٍ فَ) عَلَيْهِ (طَوَافَانِ أَوْ سَعْيَانِ) أَحَدُهُمَا عَنْ يَدَيْهِ وَالْآخَرُ عَنْ رِجْلَيْهِ وَهَذَا قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الطَّوَافِ. رَوَاهُ سَعِيدٌ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِكَبْشَةَ بِنْتِ مَعْدِي كَرِبَ حِينَ قَالَتْ {يَا رَسُولَ اللَّهِ آلَيْتُ أَنْ أَطُوفَ بِالْبَيْتِ حَبْوًا فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ طُوفِي عَلَى رِجْلَيْكِ سَبْعَيْنِ، سَبْعًا عَنْ يَدَيْكِ وَسَبْعًا عَنْ رِجْلَيْكِ} رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَلِأَنَّ الطَّوَافَ عَلَى أَرْبَعٍ مِثْلُهُ وَقِيسَ عَلَيْهِ السَّعْيُ. (وَمَنْ نَذَرَ طَاعَةً عَلَى وَجْهٍ مَنْهِيٍّ عَنْهُ كَالصَّلَاةِ عُرْيَانًا أَوْ الْحَجِّ حَافِيًا حَاسِرًا وَنَحْوَهُ) كَالصَّلَاةِ فِي ثَوْبٍ نَجِسٍ أَوْ حَرِيرٍ (وَفَّى بِهَا) أَيْ: الطَّاعَةِ الْمَنْذُورَةِ (عَلَى الْوَجْهِ الْمَشْرُوعِ) كَمَا لَوْ أَطْلَقَ (وَتُلْغَى تِلْكَ الصِّفَةُ) لِحَدِيثِ عِكْرِمَةَ {أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ فِي سَفَرٍ فَحَانَتْ مِنْهُ نَظْرَةٌ فَإِذَا امْرَأَةٌ نَاشِرَةٌ شَعْرَهَا، قَالَ: فَمُرُوهَا فَلْتَخْتَمِرْ. وَمَرَّ بِرَجُلَيْنِ مَقْرُونَيْنِ فَقَالَ: أَطْلِقَا قِرَانَكُمَا} (وَيُكَفِّرُ) لِأَنَّهُ لَمْ يَفِ بِنَذْرِهِ عَلَى وَجْهِهِ كَمَا لَوْ كَانَ أَصْلُ النَّذْرِ غَيْرَ مَشْرُوعٍ وَإِنْ أَفْسَدَ حَجًّا نَذَرَهُ مَاشِيًا قَضَاهُ كَذَلِكَ وَكَذَا لَوْ فَاتَهُ وَيَسْقُطُ لِفَوَاتِهِ تَوَابِعَ الْوُقُوفِ مِنْ مَبِيتٍ بِمُزْدَلِفَةَ وَمِنًى وَرَمْيِ جِمَارٍ وَيَتَحَلَّلُ بِعُمْرَةٍ وَيَمْضِي فِي حَجٍّ فَاسِدٍ مَاشِيًا حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُ (وَلَا يَلْزَمُ الْوَفَاءُ بِوَعْدٍ) نَصًّا وَيَحْرُمُ بِلَا اسْتِثْنَاءٍ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ} أَيْ: لَا تَقُولَنَّ ذَلِكَ إلَّا مُعَلَّقًا بِأَنْ يَشَاءَ اللَّهُ فَالنَّهْيُ الْمُتَقَدِّمُ مَعَ إلَّا الْمُتَأَخِّرَةِ حَصْرٌ بِالْقَوْلِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ وَحْدَهَا فَتَخْتَصُّ بِالْإِبَاحَةِ وَغَيْرُهَا بِالتَّحْرِيمِ وَتَرْكُ الْمُحَرَّمِ وَاجِبٌ وَلَيْسَ مَا يُتْرَكُ بِهِ الْحَرَامُ إلَّا هَذِهِ فَتَكُونُ وَاجِبَةً. هَذَا مُدْرَكُ الْوُجُوبِ مِنْ الْآيَةِ وَأَمَّا التَّعْلِيقُ فَهُوَ مِنْ قَوْلِنَا مُعَلِّقًا الْمَحْذُوفَ كَقَوْلِك لَا تَخْرُجَنَّ إلَّا ضَاحِكًا فَإِنَّهُ يُفِيدُ الْأَمْرَ بِالضَّحِكِ وَالْخُرُوجِ، هَذَا حَاصِلٌ كَلَامِ الْقَرَافِيِّ وَهُوَ مَذْكُورٌ بِرُمَّتِهِ فِي أَصْلِهِ.
|